وعند ابن أبى شيبة، من مرسل الحكم بن عتيبة: لم يبق- عليه الصلاة والسلام- إلا أربعة نفر، ثلاثة من بنى هاشم ورجل من غيرهم: على العباس بين يديه، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بالعنان، وابن مسعود من الجانب الأيسر، وليس يقبل نحوه أحد إلا قتل.
وفى الترمذى بإسناد حسن من حديث ابن عمر: لقد رأينا يوم حنين، وإن الناس لمولون، وما مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مائة رجل «١» .
وفى شرح مسلم للنووى: أنه ثبت معه- صلى الله عليه وسلم- اثنا عشر رجلا وكأنه أخذه من قول ابن إسحاق.
ووقع فى شعر العباس بن عبد المطلب أن الذين ثبتوا كانوا عشرة فقط وذلك لقوله:
نصرنا رسول الله فى الحرب تسعة ... وقد فر من قد فر عنه فاقشعوا
وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه ... لما مسّه فى الله لا يتوج
وقد قال الطبرى: الانهزام المنهى عنه هو ما وقع على غير نية العود، وأما الاستطراد للكثرة فهو كالتحيز إلى فئة، انتهى.
وأما قوله- صلى الله عليه وسلم-: «أنا النبى لا كذب، أنا ابن عبد المطلب» فقد قال العلماء: إنه ليس بشعر، لأن الشاعر إنما سمى شاعرا لوجوه، منها: أنه شعر القول وقصده واهتدى إليه، وأتى به كلاما موزونا على طريقة العرب مقفى، فإن خلا من هذه الأوصاف أو بعضها لم يكن شعرا، ولا يكون قائله شاعرا.
والنبى- صلى الله عليه وسلم- لم يقصد بكلامه ذلك الشعر، ولا أراده، فلا يعد شعرا، وإن كان موزونا.
وأما قوله- صلى الله عليه وسلم-: أنا ابن عبد المطلب، ولم يقل: ابن عبد الله، فأجيب: بأن شهرته بجده كانت أكثر من شهرته بأبيه، لأن أباه توفى فى حياة
(١) صحيح الإسناد: أخرجه الترمذى (١٦٨٩) فى الجهاد، باب: ما جاء فى الثبات عند القتال، والحديث صحح إسناده الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .