للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم نادى مناديه- صلى الله عليه وسلم-: أيما عبد نزل من الحصين وخرج إلينا فهو حر.

قال الدمياطى: فخرج منهم بضعة عشر رجلا فيهم أبو بكرة، وعند مغلطاى: ثلاثة وعشرون عبدا.

وفى البخارى عن أبى عثمان النهدى قال: سمعت سعدا وأبا بكرة عن النبى- صلى الله عليه وسلم- ... قال عاصم: «لقد شهد عندك رجلان ... أما أحدهما فأول من رمى بسهم فى سبيل الله، وأما الآخر فنزل إلى النبى- صلى الله عليه وسلم- ثالث ثلاثة وعشرين من الطائف» «١» الحديث.

وأعتق- صلى الله عليه وسلم- من نزل منهم، ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه، فشق ذلك على أهل الطائف مشقة شديدة.

ولم يؤذن له- صلى الله عليه وسلم- فى فتح الطائف. وأمر عمر بن الخطاب فأذن فى الناس بالرحيل، فضج الناس من ذلك، وقالوا: نرحل ولم يفتح علينا الطائف؟ فقال- صلى الله عليه وسلم-: فاغدوا على القتال، فغدوا فأصاب المسلمين جراحات، فقال- صلى الله عليه وسلم-: إنا قافلون إن شاء الله تعالى فسروا بذلك وأذعنوا، وجعلوا يرحلون، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- يضحك.

قال النووى: قصد- صلى الله عليه وسلم- الشفقة عليهم والرفق بهم بالرحيل عن الطائف لصعوبة أمره، وشدة الكفار الذين هم فيه، وتقويهم بحصنهم، مع أنه- صلى الله عليه وسلم- علم أولا، أو رجا أنه سيفتحه بعد ذلك بلا مشقة. فلما حرص الصحابة على المقام والجهاد أقام، وجد فيه القتال حتى أصابتهم الجراح رجع إلى ما كان قصده أولا من الرفق بهم ففرحوا بذلك لما رأوا ممن المشقة الظاهرة، ووافقوا على الرحيل، فضحك- صلى الله عليه وسلم- تعجبا من تغير رأيهم.

وفقئت عين أبى سفيان صخر بن حرب يومئذ، فذكر ابن سعد أن النبى صلى الله عليه وسلم- قال له وهى فى يده: «أيما أحب إليك عين فى الجنة أو أدعو الله أن يردها عليك» قال: بل عين فى الجنة ورمى بها.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤٣٢٧) فى المغازى، باب: غزوة الطائف.