للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشهد اليرموك فقاتل وفقئت عينه الآخرى يومئذ. ذكره الحافظ زين الدين العراقى فى شرح التقريب.

وقال- صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: قولوا: «لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده» .

فلما ارتحلوا قال: «آيبون، تائبون عابدون، لربنا حامدون» «١» .

فانظر كيف كان- صلى الله عليه وسلم- إذا خرج للجهاد يعتد لذلك بجمع أصحابه واتخاذ الخيل والسلاح وما يحتاج إليه من آلات الجهاد والسفر، ثم إذا رجع يتعرى من ذلك ويرد الأمر كله لمولاه عز وجل لا لغيره بقوله: «آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده» «٢» .

وانظر إلى قوله- صلى الله عليه وسلم-: «وهزم الأحزاب وحده» فنفى- صلى الله عليه وسلم- ما تقدم ذكره، وهذا هو معنى الحقيقة، لأن الإنسان وفعله خلق لربه عز وجل، فهو لله سبحانه وتعالى الذى خلق ودبر، وأعان وأجرى الأمور على يد من شاء، ومن اختار من خلقه، فكل منه وإليه، ولو شاء أن يبيد أهل الكفر من غير قتال لفعل، قال تعالى: ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ «٣» فيثبت سبحانه وتعالى الصابرين ويجزل الثواب للشاكرين، قال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ «٤» .

فعلى المكلف الامتثال فى الحالتين، أى: امتثال تعاطى الأسباب،


(١) أخرجه بنحوه البخارى (١٧٩٧) فى العمرة، باب: ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو، ومسلم (١٣٤٤) فى الحج، باب: ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره، من حديث ابن عمر- رضى الله عنهما-.
(٢) صحيح: انظر ما قبله.
(٣) سورة محمد: ٤.
(٤) سورة محمد: ٣١.