للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعث النبى- صلى الله عليه وسلم- سرية، فاستعمل رجلا من الأنصار. وأمرهم أن يطيعوه، فغضب فقال: أليس قد أمركم النبى- صلى الله عليه وسلم- أن تطيعونى؟ قالوا: بلى، قال:

فاجمعوا حطبا، فجمعوا، فقال: أوقدوا نارا، فأوقدوها، فقال: ادخلوا، فهموا، وجعل بعضهم يمسك بعضا يقولون: فررنا إلى النبى- صلى الله عليه وسلم- من النار، فما زالوا حتى خمدت النار، فسكن غضبه، فبلغ النبى- صلى الله عليه وسلم- فقال:

«لو دخلوها ما خرجوا منها» «١» .

قال الحافظ أبو الفضل بن حجر: فى قوله: «ويقال إنها سرية الأنصارى» إشارة إلى احتمال تعدد القصة، وهو الظاهر لاختلاف سياقهما واسم أميرهما. ويحتمل الجمع بينها بضرب من التأويل، ويبعده وصف عبد الله بن حذافة السهمى القريشى المهاجرى بكونه أنصاريّا. ويحتمل أن يكون الحمل على المعنى الأعم، أى أنه نصر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى الجملة. وإلى التعدد جنح ابن القيم، وأما ابن الجوزى فقال: قوله «من الأنصار» وهم من بعض الرواة، وإنما هو سهمى.

قال فى فتح البارى: ويؤيد حديث ابن عباس عند أحمد، فى قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «٢» .

نزلت فى عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدى، بعثه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى سرية. انتهى.

وقال النووى: وهذا الذى فعله هذا الأمير، قيل: أراد امتحانهم، وقيل: كان مازحا، وقيل: إن هذا الرجل عبد الله بن حذافة السهمى، قال:

وهذا ضعيف: لأنه قال فى الرواية التى بعدها إنه رجل من الأنصار، فدل على أنه غيره. انتهى.

ثم سرية على بن أبى طالب إلى الفلس «٣» - بضم الفاء وسكون اللام-


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤٣٤٠) فى المغازى، باب: سرية عبد الله بن حذافة السهمى وعلقمة بن مجزر المدلجى، ومسلم (١٨٤٠) فى الإمارة، باب: وجوب طاعة الأمراء فى غير معصية وتحريمها فى المعصية.
(٢) سورة النساء: ٥٩.
(٣) انظرها فى «الطبقات الكبرى» لابن سعد (٢/ ١٢٤) .