للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم خرج حتى قدم المدينة، فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة، فغدا به إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: هذا رسول الله فقم إليه واستأمنه، فقام حتى جلس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فوضع يده فى يده- وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا يعرفه- فقال: يا رسول الله، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمنك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: (نعم) قال: أنا يا رسول الله كعب بن زهير.

قال ابن إسحاق: فحدثنى عاصم بن عمر بن قتادة: أنه وثب عليه رجل من الأنصار وقال: يا رسول الله دعنى وعدو الله أضرب عنقه. فقال صلى الله عليه وسلم-: «دعه عنك فقد جاء تائبا نازعا» «١» . قال: فغضب كعب على هذا الحى من الأنصار لما صنع صاحبهم، وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير. ثم قال قصيدته اللامية التى أولها:

بانت سعاد فقلبى اليوم متبول ... متيم إثرها لم يفد مكبول

ومنها:

أنبئت أن رسول الله أوعدنى ... والعفو عند رسول الله مأمول

مهلا هداك الذى أعطاك نافلة ال ... قرآن ولو كثرت فى الأقاويل

إن الرسول لنور يستضاء به ... مهند من سيوف الله مسلول

فى عصبة من قريش قال قائلهم ... ببطن مكة لما أسلموا زولوا

يمشون مشى الجمال الزهر يعصمهم ... ضرب إذا عرد السود التنابيل

وفى رواية أبى بكر بن الأنبارى أنه لما وصل إلى قوله:

إن الرسول لنور يستضاء به ... مهند من سيوف الله مسلول

رمى- عليه الصلاة والسلام- إليه بردة كانت عليه. وأن معاوية بذل


(١) أخرجه الحاكم فى «المستدرك» (٣/ ٦٧٤) ، والطبرانى فى «الكبير» (١٩/ ١٧٦) ، وهو منقول هذا الكلام بتمامه من «زاد المعاد» لابن القيم (٣/ ٥٢٠- ٥٢٦) .