للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد وهم بعض الرواة- كما قدمته- وقال: إنما كان هذا عند مقدمه المدينة، وهو وهم ظاهر، لأن ثنيات الوداع إنما هى من ناحية الشام، لا يراها القادم من مكة إلى المدينة، ولا يراها إلا إذا توجه إلى الشام- كما قدمت ذلك-.

وفى البخارى: لما رجع- صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك فدنا من المدينة، قال:

«إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم العذر» «١» وهذا يؤيد معنى ما ورد: نية المؤمن خير من عمله «٢» ، فإن نية هؤلاء أبلغ من أعمالهم، فإنها بلغت بهم مبلغ أولئك العاملين بأبدانهم، وهم على فرشهم فى بيوتهم. والمسابقة إلى الله تعالى وإلى درجات العلا بالنيات والهمم لا بمجرد الأعمال.

ولما أشرف- صلى الله عليه وسلم- على المدينة قال: «هذه طابة وهذا أحد، جبل يحبنا ونحبه» «٣» .

ولما دخل قال العباس يا رسول الله، ائذن لى أمتدحك قال: قل لا يفضض الله فاك، فقال:

من قبلها طبت فى الظلال وفى ... مستودع حيث يخصف الورق

ثم هبطت البلاد لا بشر ... أنت ولا مضغة ولا علق

بل نطفة تركب السفين وقد ... ألجم نسرا وأهله الغرق

تنقل من صالب إلى رحم ... إذا مضى عالم بدا طبق

وردت نار الخليل مكتتما ... فى صلبه أنت كيف يحترق


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٢٨٣٩) فى الجهاد والسير، باب: من حبسه العذر عن الغزو، وابن ماجه (٢٧٦٤) فى الجهاد، باب: من حبسه العذر عن الجهاد، من حديث أنس بن مالك- رضى الله عنه-.
(٢) انظره فى «كشف الخفاء» للعجلونى (٢٨٣٦) .
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٤٤٢٢) فى المغازى، باب: رقم (٨١) ، ومسلم (١٣٩٢) فى الحج، باب: أحد جبل يحبنا ونحبه، وفى الفضائل، باب: فى معجزات النبى- صلى الله عليه وسلم-، من حديث أبى حميد الساعدى- رضى الله عنه-.