للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا السياق فيه غرابة من جهة أن أمير الحج سنة عمرة الجعرانة إنما هو عتاب بن أسيد، أما أبو بكر- رضى الله عنه- فإنما كان سنة تسع.

واستدل بهذه القصة على أن فرض الحج كان قبل حجة الوداع، والأحاديث فى ذلك كثيرة شهيرة.

وذهب جماعة إلى أن حج أبى بكر هذا لم يسقط عنه الفرض بل كان تطوعا قبل فرض الحج ولا يخفى ضعفه.

وفى هذه السنة أيضا مات عبد الله بن أبى ابن سلول، فجاء ابنه إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فسأله أن يعطيه قميصه ليكفن فيه أباه، فأعطاه. ثم سأله أن يصلى عليه، فقام ليصلى عليه، فقام عمر- رضى الله عنه- فأخذ بثوب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله تصلى عليه وقد نهاك ربك أن تصلى عليه، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «إنما خيرنى الله عز وجل» قال: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ «١» . وسأزيد على السبعين قال:

إنه منافق.

فصلى عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله- عز وجل-: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ «٢» «٣» . رواه الشيخان والنسائى.

وفى هذه السنة أيضا آلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من نسائه شهرا. وجحش شقه- أى خدش- وجلس فى مشربة له درجها من جذوع، فأتاه أصحابه يعودونه فصلى بهم جالسا وهم قيام، فلما سلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا، ولا تركعوا حتى يركع، ولا ترفعوا حتى يرفع.


(١) سورة التوبة: ٨٠.
(٢) سورة التوبة: ٨٤.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (١٢٦٩) فى الجنائز، باب: الكفن فى القميص، ومسلم (٢٤٠٠) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر- رضى الله عنه-.