للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى ذى القعدة سنة عشر من الهجرة أجمع على الخروج إلى الحج فتجهز وأمر الناس بالجهاز له.

قال ابن سعد: ولم يحج غيرها منذ تنبأ إلى أن توفاه الله تعالى.

وفى البخارى عن زيد بن أرقم أن النبى- صلى الله عليه وسلم- غزا تسع عشرة غزوة، وأنه حج بعد ما هاجر حجة واحدة لم يحج بعدها، حجة الوداع «١» .

قال: وقال ابن إسحاق: وبمكة أخرى، وقيل: حج حجتين. هذا بعد النبوة وقبلها لا يعلمه إلا الله.

فخرج- صلى الله عليه وسلم- من المدينة يوم السبت لخمس بقين من ذى القعدة وجزم ابن حزم بأن خروجه كان يوم الخميس، وفيه نظر. لأن أول ذى الحجة كان يوم الخميس قطعا، لما ثبت وتواتر وقوفه بعرفة كان يوم الجمعة، فتعين أن أول الشهر كان يوم الخميس، فلا يصح أن يكون خروجه يوم الخميس، بل هو ظاهر الخبر أن يكون يوم الجمعة.

لكن ثبت فى الصحيحين عن أنس: صلينا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الظهر بالمدينة أربعا، والعصر بذى الحليفة ركعتين «٢» . فدل على أن خروجهم لم يكن يوم الجمعة ويحمل قول من قال: لخمس بقين، أى إن كان الشهر ثلاثين فاتفق أن جاء تسعا وعشرين فيكون يوم الخميس أول ذى الحجة بعد مضى أربع ليال لا خمس، وبها تتفق الأخبار.

هكذا جمع الحافظ عماد الدين بن كثير بين الروايات، وقوى هذا الجمع بقول جابر: إنه خرج لخمس بقين من ذى القعدة أو أربع.

وصرح الواقدى بأن خروجه- صلى الله عليه وسلم- كان يوم السبت لخمس ليال بقين من ذى القعدة.

وكان خروجه من المدينة بين الظهر والعصر. وكان دخول مكة صبح


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤٤٠٤) فى المغازى، باب: حجة الوداع، ومسلم (١٢٥٤) فى الحج، باب: بيان عدد عمر النبى- صلى الله عليه وسلم- وزمانهن.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (١٠٨٩) فى الجمعة، باب: يقصر إذا خرج من موضعه، ومسلم (٦٩٠) فى صلاة المسافرين، باب: صلاة المسافرين وقصرها.