للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُبَشِّرُكَ «١» وفى مسلم: بعث الله تعالى ملكا لرجل على مدرجته وكان خرج فى زيارة أخ له فى الله تعالى، وقال له: إن الله يعلمك أنه يحبك لحبك لأخيك فى الله «٢» وليس بنبوة، لأنها عند المحققين: إيحاء الله لبعض بحكم إنسانى يختص به كقوله: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ «٣» فهذا تكليف يختص به فى الوقت، فهذه نبوة لا رسالة، فلما نزل قُمْ فَأَنْذِرْ «٤» كانت رسالة لتعلق هذا التكليف بغيره أيضا، فالنبى كلف بما يخص به، والرسول بذلك، وتبليغ غيره، فالرسول أخص مطلقا، انتهى.

وهل نبينا- صلى الله عليه وسلم- رسول الآن؟ قال أبو الحسن الأشعرى «٥» : هو صلى الله عليه وسلم- فى حكم الرسالة، وحكم الشىء يقوم مقام أصل الشىء، ألا ترى أن العدة تدل على ما كان من أحكام النكاح، ويأتى لذلك مزيد بيان- إن شاء الله تعالى-.

وأما «المذكر» فقال تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ «٦» .

وأما «البشير» و «المبشر» و «النذير» و «المنذر» فقال تعالى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً «٧» أى مبشرا لأهل طاعته بالثواب، وقيل بالمغفرة، ونذيرا لأهل معصيته بالعذاب، وقيل: محذرا من الضلالات.


(١) سورة آل عمران: ٤٥.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢٥٦٧) فى البر والصلة، باب: فى فضائل الحب فى الله، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.
(٣) سورة العلق: ١.
(٤) سورة المدثر: ٢.
(٥) هو: إمام المتكلمين، أبو الحسن، على بن إسماعيل بن أبى بشر الأشعرى اليمانى البصرى، كان معتزليّا، فلما برع فيه، كرهه وتبرأ منه، ثم أخذ يرد على المعتزلة ويهتك عوراتهم، فعرف بمذهبه، ثم كان فى آخر حياته على عقيدة أهل السنة والجماعة حتى مات عليها سنة (٣٢٤ هـ) .
(٦) سورة الغاشية: ٢١.
(٧) سورة الأحزاب: ٤٥.