للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلف هل هما بمعنى أو بمعنيين؟

فقال بالأول قوم مستدلين بقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ «١» فأثبت لهما معا الإرسال. وعلى هذا فلا يكون النبى إلا رسولا، ولا الرسول إلا نبيّا.

وقال آخرون بالثانى: وأنهما يجتمعان فى النبوة التى هى الاطلاع على الغيب والإعلام بخواص النبوة أو الرفعة بمعرفة ذلك وحوز درجتها، وافترقا فى زيادة الإرسال.

وحجتهم من الآية نفسها: التفريق بين الاسمين، إذ لو كانا شيئا واحدا لما حسن تكرارهما فى الكلام البليغ، ويكون المعنى: وما أرسلنا من نبى إلى أمة، أو نبى ليس بمرسل إلى أحد.

وذهب آخرون: إلى أن الرسول: من جاء بشرع مبتدأ، ومن لم يأت به نبى غير رسول وإن أمر بالإبلاغ والإنذار.

والصحيح: أن كل رسول نبى، وليس كل نبى رسولا.

نعم نوزع فى هذا بأنه كلام يطلقه من لا تحقيق عنده، فإن جبريل عليه الصلاة والسلام- رسول، وغيره من الملائكة المكرمين بالرسالة رسل لا أنبياء. فالانفصال عنه: بأن يقيد الفرق بين الرسول والنبى، بالرسول البشرى.

ثم إن النبوة والرسالة ليستا ذاتا للنبى- صلى الله عليه وسلم-، ولا وصف ذات بل تخصيص الله إياه بذلك خلافا للكرامية.

وقال القرافى، كما نقله عنه ابن مرزوق: يعتقد كثير أن النبوة مجرد الوحى، وهو باطل، لحصوله لمن ليس بنبى كمريم وليست نبية على الصحيح، مع أنه تعالى يقول: فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا

«٢» الآية، وأَنَّ اللَّهَ


(١) سورة الحج: ٥٢.
(٢) سورة مريم: ١٧.