للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويشهد له قوله- صلى الله عليه وسلم- لها: «أما ترضين أن تكونى سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم» «١» .

واحتج من فضل عائشة بما احتجت به من أنها فى الآخرة مع النبى صلى الله عليه وسلم- فى الدرجة، وفاطمة مع على فيها.

وسئل السبكى عن ذلك فقال: الذى نختاره، وندين الله به، أن فاطمة بنت محمد أفضل من أمها خديجة، ثم أمها خديجة، ثم عائشة، ثم استدل لذلك بما تقدم بعضه.

وأما خبر الطبرانى: خير نساء العالمين مريم بنت عمران ثم خديجة بنت خويلد، ثم فاطمة بنت محمد، ثم آسية امرأة فرعون «٢» . فأجاب عنه ابن العماد: بأن خديجة إنما فضلت فاطمة باعتبار الأمومة، لا باعتبار السيادة.

واختار السبكى: أن مريم أفضل من خديجة لهذا الخبر، وللاختلاف فى نبوتها، انتهى.

وقال أبو أمامة بن النقاش: إن سبق خديجة، وتأثيرها فى أول الإسلام ومؤازرتها ونصرها وقيامها فى الدين لله بمالها ونفسها، لم يشركها فيه أحد، لا عائشة ولا غيرها من أمهات المؤمنين. وتأثير عائشة فى آخر الإسلام، وحمل الدين وتبليغه إلى الأمة وإدراكها من الأحاديث ما لم تشركها فيه خديجة ولا غيرها، مما تميزت به عن غيرها، انتهى.

وماتت خديجة بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل بأربع، وقيل بخمس، ودفنت فى الحجون، وهى ابنة خمس وستين سنة، ولم يكن يومئذ يصلى على الجنازة، وكانت مدة مقامها مع النبى- صلى الله عليه وسلم- خمسا وعشرين سنة، وقيل أربعا وعشرين سنة.


(١) صحيح إلا جملة مريم، وقد تقدم قريبا.
(٢) قلت: هو عند الطبرانى فى «الكبير» (٢٢/ ٤٠٢) بحرف العطف «واو» وليس «ثم» الذى يفيد الترتيب والتراخى.