للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفرنج فى شفاعة، وأنه قبله وأكرمه، وقال: لأتحفنك بتحفة سنية، فأخرج له صندوقا مصفحا بذهب، فأخرج منه مقلمة من ذهب فأخرج منها كتابا قد زالت أكثر حروفه، وقد ألصقت عليه خرقة حرير، فقال: هذا كتاب نبيكم لجدى قيصر، ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤنا عن آبائهم إلى قيصر، إنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا، فنحن نحفظه غاية الحفظ ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا. انتهى «١» .

وكتب- صلى الله عليه وسلم- إلى النجاشى «٢» :

(بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى النجاشى ملك الحبشة، أما بعد: فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى فخلقه من روحه، ونفخه كما خلق آدم بيده، وإنى أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعنى وتؤمن بالذى جاءنى، فإنى رسول الله، وإنى أدعوك وجنودك إلى الله تعالى، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتى، وقد بعثت إليكم ابن عمى جعفرا ومعه نفر من المسلمين، والسلام على من اتبع الهدى) .

وبعث الكتاب مع عمرو بن أمية الضمرى، فقال النجاشى له عندما قرأ الكتاب: أشهد بالله أنه النبى الأمى الذى ينتظره أهل الكتاب، وأن بشارة موسى براكب الحمار، كبشارة عيسى براكب الجمل، وأن العيان ليس بأشفى من الخبر عنه، ولكن أعوانى من الحبش قليل، فأنظرنى حتى أكثر الأعوان وألين القلوب.

ثم كتب النجاشى جواب الكتاب إلى النبى- صلى الله عليه وسلم-:


(١) انظر «فتح البارى» للحافظ ابن حجر (١/ ٤٤) .
(٢) قلت: النجاشى، لقب لكل من ملك الحبشة، وهو غير النجاشى الذى صلى عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، كما ورد فى مسلم (١٧٧٤) فى الجهاد والسير، باب: كتب النبى- صلى الله عليه وسلم- إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل، من حديث أنس- رضى الله عنه-.