للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بسم الله الرحمن الرحيم. إلى محمد رسول الله من النجاشى أصحمة، سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركات الله الذى لا إله إلا هو الذى هدانى للإسلام أما بعد: فقد بلغنى كتابك يا رسول الله، فما ذكرت من أمر عيسى، فو رب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا، إنه كما ذكرت، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا، وقد بايعتك، وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين. وقد بعثت إليك ابنى، وإن شئت أتيتك بنفسى فعلت يا رسول الله، فإنى أشهد أن ما تقول حق، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته) .

ثم إنه أرسل ابنه فى أثر من أرسله من عنده مع جعفر بن أبى طالب عم رسول الله، فلما كانوا فى وسط البحر غرقوا، ووافى جعفر وأصحابه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكانوا سبعين رجلا عليهم ثياب الصوف، منهم اثنان وستون من الحبشة وثمانية من أهل الشام، فقرأ عليهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من القرآن يس إلى آخرها، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى- عليه الصلاة والسلام-، وفيهم أنزل الله:

وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا «١» . إلى آخر الآية، لأنهم كانوا من أصحاب الصوامع. انتهى.

الثفروق: علاقة ما بين النواة والقشر.

وهذا هو أصحمة الذى هاجر إليه المسلمون فى رجب سنة خمس من النبوة، وكتب إليه النبى- صلى الله عليه وسلم- كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام مع عمرو بن أمية الضمرى سنة ست من الهجرة، فامن به وأسلم على يد جعفر بن أبى طالب، وتوفى فى رجب سنة تسع من الهجرة ونعاه النبى- صلى الله عليه وسلم- يوم توفى وصلى عليه بالمدينة.

وأما النجاشى الذى ولى بعده، وكتب له النبى- صلى الله عليه وسلم- يدعوه إلى


(١) سورة المائدة: ٨٢.