للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى الصحيحين من حديث ابن عباس: (قدم وفد عبد القيس على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: «ممن القوم» قالوا: من ربيعة، قال: «مرحبا بالوفد غير خزايا ولا ندامى» فقالوا: يا رسول الله، إن بيننا وبينك هذا الحى من كفار مضر، وإنا لا نصل إليك إلا فى شهر حرام، فمرنا بأمرنا فصل، نأخذ به ونأمر به من وراءنا، وندخل به الجنة. قال: «آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع، آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان؟ شهادة ألاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس، وأنهاكم عن أربع: عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت، فاحفظوهن وادعوا إليهن من وراءكم» ) «١» .

قال ابن القيم: ففى هذه القصة أن الإيمان بالله مجموع هذه الخصال من القول والعمل، كما علي ذلك أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والتابعون وتابعوهم كلهم، ذكر ذلك الشافعى فى المبسوط، وعلى ذلك ما يقارب مائة دليل من الكتاب والسنة، ولم يعد الحج من هذه الخصال، وكان قدومهم فى سنة تسع، وهذا أحد ما يحتج به على أن الحج لم يكن فرض بعد، وأنه إنما فرض فى العاشرة، ولو كان فرض لعده من الإيمان كما عد الصوم والزكاة.

انتهى.

وقد كان لعبد القيس وفدتان:

إحداهما: قبل الفتح، ولهذا قالوا له- صلى الله عليه وسلم-: حال بيننا وبينك كفار مضر، وكان ذلك قديما، إما سنة خمس أو قبلها، وكانت قريتهم بالبحرين، وكان عدد الوفد الأول ثلاثة عشر رجلا، وقيل كانوا أربعة عشر راكبا، وفيها سألوه عن الإيمان، وعن الأشربة، وكان فيهم الأشج، وكان كبيرهم، وقال له صلى الله عليه وسلم-: «إن فيك خصلتين يحبهما الله، الحلم والأناة» «٢» . رواه مسلم من حديث أبى سعيد.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٥٣) فى الإيمان، باب: أداء الخمس من الإيمان، ومسلم (١٧) فى الإيمان، باب: الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله- صلى الله عليه وسلم- وشرائع الدين.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٧) (٢٥) فيما تقدم، من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-، وليس أبى سعيد كما ذكر المصنف.