للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج البيهقى: بينما النبى- صلى الله عليه وسلم- يحدث أصحابه قال: «سيطلع عليكم من هاهنا ركب هم خير أهل المشرق» فقام عمر نحوهم، فلقى ثلاثة عشر راكبا، فبشرهم بقوله- صلى الله عليه وسلم- ثم مشى معهم حتى أتى النبى- صلى الله عليه وسلم-، فرموا بأنفسهم عن ركائبهم، فأخذوا يده فقبلوها «١» الحديث وأخرجه البخارى فى الأدب المفرد. فيمكن أن يكون أحد المذكورين غير راكب أو مرتدفا.

وثانيهما: كانت فى سنة الوفود وكان عددهم حينئذ أربعين رجلا، كما فى حديث أبى خيرة الصباحى عند ابن منده.

ويؤيد التعدد: ما أخرجه من وجه آخر أنه- صلى الله عليه وسلم- قال لهم: «ما لى أرى ألوانكم تغيرت» «٢» ففيه إشعار بأنه كان رآهم قبل التغير، وفى قولهم:

يا رسول الله، دليل على أنهم كانوا حين المقالة مسلمين، وكذا فى قولهم كفار مضر، وقولهم: الله ورسوله أعلم.

ويدل على سبقهم إلى الإسلام أيضا، ما فى البخارى: إن أول جمعة جمعت بعد جمعة فى مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين وهى قرية لهم «٣» ، وإنما جمّعوا بعد رجوع وفدهم إليهم، وقال فى فتح البارى: فدل على أنهم سبقوا جميع القرى إلى الإسلام.

وما جزم به ابن القيم من أن السبب فى كونه لم يذكر الحج فى الحديث، لأنه لم يكن فرض، هو المعتمد. وقدمت الدليل على قدم إسلامهم، لكن جزمه تبعا للواقدى بأن قدومهم كان فى سنة تسع قبل فتح مكة ليس بجيد، لأن فرض الحج كان سنة ست على الأصح، لكنه اختار كغيره- أن فرض الحج فى السنة العاشرة، حتى لا يرد على مذهبه أنه على الفور شىء.

وقد احتج الشافعى لكونه على التراخى بأن فرض الحج كان بعد


(١) أخرجه البيهقى فى «دلائل النبوة» (٥/ ٣٢٧) .
(٢) ذكره الحافظ ابن حجر فى «الفتح» (٨/ ٨٦) .
(٣) انظر «صحيح البخارى» (٨٩٢) فى الجمعة، باب: الجمعة فى القرى والمدن.