للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فشبه هذا الكلام الذى عارض به مسيلمة، بكلام امرأة ورهاء، وهى الحمقاء التى تتكلم لحمقها بما لا يفهم، فهى تهذى بكلام مشذب- أى مختلط- لا يقترن بعضه ببعض، ولا يشبه بعضه بعضا ككلام من به خبل بسكون الموحدة- أى فساد، أو مس من الخبل- بفتحها- أي جنون.

ثم إن اللعين وضع عن قومه الصلاة، وأحل لهم الخمر والزنا، وهو مع ذلك يشهد لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه نبى.

وقد كان كتب لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أما بعد: فإنى قد أشركت معك فى الأمر، وإن لنا نصف الأمر، ولقريش نصف الأمر.

فقدم على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رسوله بهذا الكتاب، فكتب إليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.

وفى الصحيحين من حديث نافع بن جبير عن ابن عباس قال: قدم مسيلمة الكذاب على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فجعل يقول: إن جعل لى محمد الأمر من بعده اتبعته، وقدمها فى بشر كثير من قومه، فأقبل النبى- صلى الله عليه وسلم- ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفى يد النبى- صلى الله عليه وسلم- قطعة جريد، حتى وقف على مسيلمة فى أصحابه، فقال: «لو سألتنى هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله، وإنى لأراك الذى أريت فيه ما رأيت، وهذا ثابت بن قيس يجيبك عنى» ثم انصرف «١» .

قال ابن عباس: فسألت عن قول النبى- صلى الله عليه وسلم-: «إنك الذى أريت فيه ما رأيت» فأخبرنى أبو هريرة أن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: «بينا أنا نائم رأيت فى يدى سوارين من ذهب فأهمنى شأنهما فأوحى الله إلى فى المنام أن أنفخهما،


(١) صحيح: وهو لفظ الحديث السابق بتمامه.