للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آدم، ألهمه أن قال: يا رب، لم كنيتنى أبا محمد، قال الله تعالى: يا آدم ارفع رأسك، فرفع رأسه فرأى نور محمد- صلى الله عليه وسلم- فى سرادق العرش، فقال: يا رب، ما هذا النور؟ قال: هذا نور نبى من ذريتك اسمه فى السماء أحمد، وفى الأرض محمد، لولاه ما خلقتك ولا خلقت سماء ولا أرضا.

ويشهد لهذا، ما رواه الحاكم فى صحيحه أن آدم- عليه السّلام- رأى اسم محمد- صلى الله عليه وسلم- مكتوبا على العرش، وأن الله تعالى قال لآدم لولا محمد ما خلقتك «١» .

ولله در القائل:

وكان لدى الفردوس فى زمن الرضا ... وأثواب شمل الأنس محكمة السدى

يشاهد فى عدن ضياء مشعشعا ... يزيد على الأنوار فى الضوء والهدى

فقال إلهى ما الضياء الذى أرى ... جنود السما تعشو إليه ترددا

فقال نبى خير من وطىء الثرى ... وأفضل من فى الخير راح أو اغتدى

تخيرته من قبل خلقك سيدا ... وألبسته قبل النبيين سؤددا

فإن قلت: إن مذهب الأشاعرة «٢»

: أن أفعال الله تعالى ليست معللة بالأغراض، فكيف تكون خلقة محمد علة فى خلق آدم- صلى الله عليهما وسلم-؟

أجيب: بأن الظاهرة من الأدلة تعليل بعض الأفعال بالحكم والمصالح التى هى غايات ومنافع لأفعاله تعالى، لا بواعث على إقدامه، ولا علل مقتضية لفاعليته، لأن ذلك محال فى حقه تعالى، لما فيه من استكماله بغيره.

والنصوص شاهدة بذلك، كقوله تعالى: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ «٣»

. أى: قرنت الخلق بالعبادة، أى خلقتهم وفرضت عليهم العبادة، فالتعليل لفظى لا حقيقى، لأن الله تعالى مستغن عن المنافع، فلا


(١) ضعيف: أخرجه الحاكم فى «مستدركه» (٢/ ٦٧٢) ، من حديث عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- بسند ضعيف جدّا.
(٢) هى: إحدى الفرق الإسلامية، التى تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة، فى بعض الأمور، وإمامهم فى ذلك، أبو الحسن الأشعرى وإليه ينسبوا، توفى سنة (٤٢٤ هـ) .
(٣) سورة الذاريات: ٥٦.