للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون فعله لمنفعة راجعة إليه ولا إلى غيره، لأن الله قادر على إيصال المنفعة إلى الغير من غير واسطة العمل.

وروى عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصارى قال: قلت يا رسول الله، بأبى أنت وأمى، أخبرنى عن أول شىء خلقه الله تعالى قبل الأشياء. قال: يا جابر، إن الله تعالى قد خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى، ولم يكن فى ذلك الوقت لوح ولا قلم، ولا جنة ولا نار، ولا ملك ولا سماء، ولا أرض ولا شمس ولا قمر، ولا جنى ولا أنسى، فلما أراد الله تعالى أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء، فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثانى اللوح، ومن الثالث العرش. ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الجزء الأول حملة العرش، ومن الثانى الكرسى، ومن الثالث باقى الملائكة، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول السماوات، ومن الثانى الأرضين ومن الثالث الجنة والنار، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين، ومن الثانى نور قلوبهم- وهى المعرفة بالله- ومن الثالث نور أنسهم، وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله «١»

..

وقد اختلف: هل القلم أول المخلوقات بعد النور المحمدى؟

فقال الحافظ أبو يعلى الهمدانى: الأصح أن العرش قبل القلم، لما ثبت فى الصحيح عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء» «٢»

، فهذا صريح أن التقدير وقع بعد خلق العرش. والتقدير وقع عند أول خلق القلم لحديث عبادة بن الصامت، مرفوعا: «أول ما خلق الله القلم قال له اكتب، قال: رب، وما أكتب، قال: اكتب مقادير كل شىء» «٣»

رواه أحمد، والترمذى وصححه.


(١) موضوع: والحديث ليس له وجود فى «مصنف عبد الرزاق» .
(٢) صحيح: وقد تقدم.
(٣) صحيح: أخرجه الترمذى (٢١٥٥) فى القدر، باب: ما جاء فى الرضا بالقضاء، و (٣٣١٩) فى كتاب التفسير، باب: ومن سورة ن والقلم، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح الجامع» (٢٠١٧) .