للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الماء «١» . قال: ثم رأيته قبل موته بعام مستقبل القبلة. فقال فى فتح البارى:

الحق أنه ليس بناسخ لحديث النهى خلافا لمن زعمه، بل هو محمول على أنه رآه فى بناء أو نحوه، لأن ذلك هو المعهود من حاله- صلى الله عليه وسلم- لمبالغته فى التستر. ودعوى خصوصية ذلك بالنبى- صلى الله عليه وسلم- لا دليل عليها، إذا الخصائص لا تثبت بالاحتمال.

ومذهب الجمهور وهو مذهب مالك والشافعى وإسحاق: التفريق بين البنيان والصحراء، وهذا أعدل الأقوال لإعماله جميع الأدلة. وقال قوم بالتحريم مطلقا، وهو المشهور عن أبى حنيفة وأحمد، ورجحه من المالكية ابن العربى وحجتهم: أن النهى مقدم على الإباحة، ولم يصححوا حديث جابر المتقدم. وقال قوم بالجواز مطلقا، وهو قول عائشة وعروة وربيعة، محتجين بأن الأحاديث تعارضت فلنرجع إلى أصل الإباحة.

وفى البخارى عن أنس كان- صلى الله عليه وسلم- إذا خرج لحاجته أجىء أنا وغلام، معنا إداوة من ماء، يعنى ليستنجى به «٢» . وفى رواية مسلم عنه: فخرج علينا وقد استنجى بالماء. وعن أبى هريرة قال: اتبعت النبى- صلى الله عليه وسلم- وخرج لحاجته فقال: «ابغنى أحجارا أستنفض بها ولا تأتنى بعظم ولا روث» ، فأتيته بأحجار بطرف ثيابى فوضعتها إلى جنبه فلما قضى حاجته أتبعه بهن «٣» . وعن عبد الله بن مسعود قال: أتى النبى- صلى الله عليه وسلم- الغائط فأمرنى أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ


(١) حسن: أخرجه أبو داود (١٣) فى الطهارة، باب: الرخصة فى ذلك، والترمذى (٩) فى الطهارة، باب: ما جاء فى الرخصة فى ذلك، وابن ماجه (٣٢٥) فى الطهارة، باب: الرخصة فى ذلك، وأحمد فى «المسند» (٣/ ٣٦٠) ، وابن حبان فى «صحيحه» (١٤٢٠) ، وابن خزيمة فى «صحيحه» (٥٨) ، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (١٥١) فى الوضوء، باب: من حمل معه الماء لطهوره، ومسلم (٢٧١) فى الطهارة، باب: الاستنجاء بالماء من التبرز.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (١٥٥) فى الوضوء، باب: الاستنجاء بالحجارة.