للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واصبرى» ، فقالت: إليك عنى فإنك خلو من مصيبتى، قال فجاوزها ومضى. فمر بها رجل فقال لها؛ ما قال لك رسول الله- صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: ما عرفته. قال: إنه لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-. قال فجاءت إلى بابه فلم تجد عليه بوابا «١» . الحديث رواه البخارى. لكن فى حديث أبى موسى: أنه كان بوابا للنبى- صلى الله عليه وسلم- لما جلس على القف «٢» . وجمع بينهما: بأنه- صلى الله عليه وسلم- إذا لم يكن فى شغل من أهله ولا انفراد من أمره أنه كان يرفع حجابه بينه وبين الناس ويبرز لطالب الحاجة إليه. وفى حديث عمر حين استأذن له الأسود فى قصة حلفه أن لا يدخل على نسائه شهرا، ففيه: أنه كان فى وقت خلوته بنفسه يتخذ بوابا، ولولا ذلك لاستأذن عمر بنفسه ولم يحتج إلى قوله يا رباح استأذن لى. لكن يحتمل أن يكون سبب استئذان عمر أنه خشى أن يكون وجد عليه بسبب ابنته، فأراد أن يختبر ذلك باستئذانه عليه، فلما أذن له اطمأن.

وقد اختلف فى مشروعية الحجاب للحاكم. فقال الشافعى وجماعة:

ينبغى أن يكون للحاكم أن لا يتخذ حاجبا. وذهب آخرون: إلى جوازه.

وحمل الأول على زمن سكون الناس واجتماعهم على الخير وطواعيتهم للحاكم، وقال آخرون: بل يستحب ذلك حينئذ ليرتب الخصوم ويمنع المستطيل، ويدفع الشرير، والله أعلم.

وأما ما روى من حيائه- صلى الله عليه وسلم-؛ فحسبك ما فى البخارى من حديث أبى سعيد: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أشد حياء من العذراء فى خدرها «٣» .


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٢٨٣) فى الجنائز، باب: زيارة القبور، ومسلم (٩٢٦) فى الجنائز، باب: فى الصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٣٦٩٣) فى المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب أبى حفص القرشى العدوى- رضى الله عنه-، ومسلم (٢٤٠٣) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل عثمان بن عفان- رضى الله عنه-. وقف البئر: هو الدكة التى تجعل حولها.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٣٥٦٢) فى المناقب، باب: صفة النبى- صلى الله عليه وسلم-، ومسلم (٢٣٢٠) فى الفضائل، باب: كثرة حيائه- صلى الله عليه وسلم-.