للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعذراء: هى البكر. والخدر: - بكسر الخاء المعجمة- أى فى سترها. وهو من باب التتميم، لأن العذراء فى الخدر يشتد حياؤها أكثر مما تكون خارجة عنه، لكون الخلوة مظنة وقوع الفعل بها. فالظاهر: أن المراد تقييده بما إذا دخل عليها فى خدرها لا حيث تكون منفردة فيه. والحياء- بالمد- وهو من الحياء، ومنه: الحيا للمطر، لكن هو مقصور. وعلى حسب حياة القلب تكون فيه قوة خلق الحياء، وقلة الحياء من موت القلب والروح، وكلما كان القلب حيّا كان الحياء أتم. وهو فى اللغة: تغير وانكسار يعترى الإنسان من خوف ما يعاب به، وقد يطلق على مجرد ترك الشىء بسبب. والترك إنما هو من لوازمه. وفى الشرع: خلق يبعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير فى حق ذى الحق.

وقال ذو النون: «الحياء وجود الهيبة فى القلب، مع وحشة ما يسبق منك إلى ربك، والحب ينطق والحياء يسكت، والخوف يقلق» .

وقال يحيى بن معاذ: من استحيا من الله مطيعا استخيا منه وهو مذنب. وهذا الكلام يحتاج إلى شرح ومعناه: أن من غلب عليه خلق الحياء من الله حتى فى حال طاعته فقلبه مطرق بين يديه إطراق مستحى خجل، فإنه إذا وقع منه ذنب استحيا الله من نظره إليه فى تلك الحالة لكرامته عليه، فيستحى أن يرى من وليه ما يشينه عنده. وفى الشاهد. شاهد بذلك، فإن الرجل إذا اطلع على أخص الناس به وأحبهم إليه وأقربهم منه، من صاحب أو ولد أو من يحبه، وهو يخونه، فإنه يلحقه من ذلك الاطلاع عليه حياء عجيب حتى كأنه هو الجانى. وهذا غاية الكرم. وللحياء أقسام ثمانية يطول استقصاؤها.

منها: حياء الكرم، كحيائه- صلى الله عليه وسلم- من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب، وطولوا عنده المقام، واستحيا أن يقول لهم انصرفوا «١» .


(١) القصة أخرجها البخارى (٤٧٩٣) فى التفسير، باب: قوله لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ ... ، ومسلم (١٤٢٨) فى النكاح، باب: زواج زينب بنت جحش- رضى الله عنها-، من حديث أنس- رضى الله عنه-.