للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لبحرا، أو إنه لبحر» . قال وكان فرسا يبطؤ «١» رواه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى.

وللبخارى: إن أهل المدينة فزعوا مرة، فركب النبى- صلى الله عليه وسلم- فرسا لأبى طلحة كان يقطف، أو فيه قطاف، فلما رجع قال: «وجدنا فرسكم ها بحرا» فكان بعد لا يجارى. وفى أخرى له: ثم خرج يركض وحده فركب الناس يركضون خلفه فقال: «لن تراعوا إنه لبحر، فما سبق بعد ذلك اليوم» .

قوله لن تراعوا: أى روعا مستقرا، أو روعا يضربكم.

وفى هذا الحديث بيان شجاعته- صلى الله عليه وسلم- من شدة عجلته فى الخروج إلى العدو قبل الناس كلهم، بحيث كشف الحال ورجع قبل وصول الناس. وفيه:

بيان عظيم بركته ومعجزته فى انقلاب الفرس سريعا بعد أن كان بطيئا وهو معنى قوله- صلى الله عليه وسلم-: «وجدناه بحرا» أى واسع الجرى. وكان فيه قطاف:

يقال: قطف الفرس فى مشيه إذا تضايق خطوه وأسرع مشيه.

قال القاضى عياض: وقد كان فى أفراسه- صلى الله عليه وسلم- فرس يقال له:

مندوب، فلعله صار إليه بعد أبى طلحة. وقال النووى: يحتمل أنهما فرسان اتفقا فى الاسم. وقال ابن عمر: ما رأيت أشجع ولا أنجد من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «٢» . وذكر ابن إسحاق فى كتابه وغيره: أنه كان بمكة رجل شديد القوة يحسن الصراع وكان الناس يأتونه من البلاد للمصارعة فيصرعهم. فبينا هو ذات يوم فى شعب من شعاب مكة إذ لقيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال له:

«يا ركانة ألا تتقى الله وتقبل ما أدعوك إليه» - أو كما قال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال له ركانة: يا محمد، هل من شاهد يدل على صدقك؟ قال:


(١) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (٣٩٠٨) فى الجهاد والسير، باب: الحمائل وتعليق السيف بالعنق، ومسلم (٢٣٠٧) فى الفضائل، باب: فى شجاعة النبى- عليه السّلام- وتقدمه للحرب، وأبو داود (٤٩٨٨) فى الأدب، باب: ما روى فى الرخصة فى ذلك، والترمذى (١٦٨٧) فى الجهاد، باب: ما جاء فى الخروج عند الفزع، وابن ماجه (٢٧٧٢) في الجهاد، باب: الخروج فى النفير.
(٢) صحيح: أخرجه الدارمى فى «سننه» (٥٩) بسند صحيح.