للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه أفضل الأغذية، بل كان- صلى الله عليه وسلم- يأكل مما جرت عادة أهل بلده بأكله من اللحم والفاكهة والخبز والتمر وغيره مما سيأتى، فأكل- صلى الله عليه وسلم- الحلوى والعسل وكان يحبهما «١» ، رواه البخارى والترمذى، والحلوى: بالقصر والمد، كل حلو، وقال الخطابى: اسم الحلوى لا يقع إلا على ما دخلته الصنعة، وقال ابن سيدة: ما عولج من الطعام بحلو، وقد يطلق على الفاكهة.

قال الخطابى: ولم يكن حبه- صلى الله عليه وسلم- لها على معنى كثرة التشهى لها، وشدة نزاع النفس إليها، وإنما كان ينال منها إذا أحضرت إليه نيلا صالحا فيعلم بذلك أنها تعجبه، ووقع فى كتاب فقه اللغة للثعالبى: أن حلوى النبى- صلى الله عليه وسلم- التى كان يحبها هى المجيع- بالميم والجيم، بوزن عظيم- وهو تمر يعجن بلبن، حكاه فى فتح البارى.

ولم يصح ورود أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يحب السكر ولا أنه تصدق به ولا أنه رآه. لكن أخرج أبو جعفر الطحاوى والبيهقى فى سننه من حديث لمازة عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حضر ملاك رجل من الأنصار، فجاءت الجوارى معهن الأطباق عليها اللوز والسكر فأمسك القوم أيديهم، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «ألا تنتهبون؟» قالوا: إنك نهيت عن النهبة، قال: «أما العرسان فلا» «٢» ، قال: فرأيت النبى- صلى الله عليه وسلم- يجاذبهم ويجاذبونه.

واحتج به الطحاوى على أن النثار غير مكروه، كما ذهب إليه أبو حنيفة، وقضى به على الأحاديث الصحيحة التى فيها النهى عن النهبة. لكن


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٥٥٩٩) فى الأشربة، باب: الباذق، والترمذى (١٨٣١) فى الأطعمة، باب: ما جاء فى حب النبى- صلى الله عليه وسلم- الحلواء والعسل، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٢) أخرجه الطبرانى فى «الكبير» (٢٠/ ٩٧) ، وذكره الهيثمى فى «المجمع» (٤/ ٥٦، ٢٩٠) وقال: رواه الطبرانى فى الكبير، وفيه حازم مولى بنى هاشم عن لمازة، وليس ابن زبار، هذا متأخر، ولم أجد من ترجمها وبقية رجاله ثقات، ورواه الطبرانى فى الأوسط أتم من هذا، بإسناد فيه بشر بن إبراهيم وهو وضاع، وهو غير هذا الإسناد.