للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس فى هذا تفضيل له على اللبن واللحم والعسل والمرق، ولو حضر لحم أو لبن لكان أولى بالمدح منه، فقال هذا جبرا وتطييبا لقلب من قدمه له، لا تفضيلا له على سائر أنواع الأدم.

وكان- صلى الله عليه وسلم- يأكل من فاكهة بلده عند مجيئها، ولا يحتمى عنها.

وهذا من أكبر أسباب الصحة، فإن الله سبحانه بحكمته جعل فى كل بلد من الفاكهة ما ينتفع به أهلها فى وقته، فيكون تناوله من أسباب صحتهم وعافيتهم، ويغنى عن كثير من الأدوية، وقل من احتمى عن فاكهة بلدة خشية السقم إلا وهو من أسقم الناس جسما وأبعدهم من الصحة والقوة، فمن أكل منها ما ينبغى فى الوقت الذى ينبغى، على الوجه الذى ينبغى كان له دواء نافعا.

وقد روى ابن عباس قال: رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يأكل العنب خرطا «١» . رويناه فى الغيلانيات. لكن قال أبو جعفر العقيلى- كما حكاه فى الهدى- لا أصل لهذا الحديث. قال ابن الأثير: يقال خرط العنقود واخترطه إذا وضعه فى فيه ثم يأخذ حبه ويخرج عرجونه عاريا منه. قال: وجاء فى بعض الروايات خرصا- بالصاد بدل الطاء-.

وأما البصل فروى أبو داود فى سننه عن عائشة أنها سئلت عن البصل فقالت: إن آخر طعام أكله رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيه بصل «٢» . وثبت عنه فى الصحيحين أنه منع آكله من دخول المسجد «٣» . وكان- صلى الله عليه وسلم- يترك الثوم دائما


(١) موضوع: ذكره الهيثمى فى «المجمع» (٥/ ٣٨) وقال: رواه الطبرانى، وفيه زياد بن المنذر، وهو كذاب. اه. قلت: وانظر «ضعيف الجامع» (٤٥٢٠) .
(٢) ضعيف: أخرجه أبو داود (٣٨٢٩) فى الأطعمة، باب: فى أكل الثوم، وأحمد فى «المسند» (٦/ ٨٩) ، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن أبى داود» .
(٣) صحيح: والحديث الدال على ذلك أخرجه البخارى (٨٥٤) فى الأذان، باب: ما جاء فى الثوم النىء والبصل والكراث، ومسلم (٥٦٤) فى المساجد، باب: نهى من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها مما له رائحة كريهة عن حضور المسجد حتى تذهب تلك الريح، من حديث جابر- رضى الله عنه-، وفى الباب عن غيره من الصحابة.