للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنه يتوقع مجىء الملائكة والوحى كل ساعة. قال النووى: واختلف أصحابنا فى حكم الثوم فى حقه- صلى الله عليه وسلم- وكذلك البصل والكراث ونحوها، فقال بعض أصحابنا: هى محرمة عليه، والأصح عندهم أنها مكروهة كراهة تنزيه وليست محرمة لعموم قوله- صلى الله عليه وسلم-: «لا» فى جواب: أحرام هى؟ «١» ومن قال بالأول يقول: معنى الحديث: ليس بحرام فى حقكم. انتهى. فينبغى لمحبه موافقته- صلى الله عليه وسلم- فى ترك الثوم ونحوه، وكراهة ما كان يكرهه- صلى الله عليه وسلم-، فإن من أوصاف المحب الصادق أن يحب ما أحب محبوبه ويكره ما يكرهه.

وكان- صلى الله عليه وسلم- يأكل بأصابعه الثلاث «٢» . رواه الترمذى فى الشمائل وهذا- كما فى الهدى- أنفع ما يكون من الأكلات، فإن الأكل بأصبع أكل المتكبر، ولا يستلذ به الآكل ولا يمريه ولا يشبعه إلا بعد طول، ولا يفرح آلات الطعام والمعدة بما ينالها فى كل أكلة فيأخذها على إغماض كما يأخذ الرجل حقه حبة حبة أو نحو ذلك، فلا يلتذ بأخذه، والأكل بالخمسة والراحة يوجب ازدحام الطعام على الآلة وعلى المعدة، وربما استدت الآلات فمات، وتغصب الآلات على دفعه، والمعدة على احتماله، ولا يجد له لذة ولا استمراء، فأنفع الأكل أكله- صلى الله عليه وسلم-، وأكل من اقتدى به بالأصابع الثلاثة.

وكان- صلى الله عليه وسلم- يلعق أصابعه إذا فرغ ثلاثا: رواه الترمذى فى الشمائل.

وفى رواية مسلم ويلعق يده قبل أن يمسحها. وفى رواية أنه أمر بلعق الأصابع والصحفة «٣» . وقد روى الترمذى عن أم عاصم قالت: دخل علينا نبيشة الخير، ونحن نأكل فى قصعة فحدثنا أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «من أكل


(١) صحيح: والحديث أخرجه مسلم (٥٦٥) فيما سبق، من حديث أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه-.
(٢) صحيح: والحديث أخرجه مسلم (٢٠٣٢) فى الأشربة، باب: استحباب لعق الأصابع والقصعة، وأبو داود (٣٨٤٨) فى الأطعمة، باب: فى المنديل، من حديث كعب بن مالك- رضى الله عنه-.
(٣) صحيح: وهو إحدى روايات حديث مسلم السابق.