للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخاف منه الشرق، بأن ينسد مجرى الشراب لكثرة الوارد عليه، فإذا تنفس رويدا ثم شرب أمن من ذلك. وقد روى عبد الله بن المبارك والبيهقى وغيرهما عن النبى- صلى الله عليه وسلم-: إذا شرب أحدكم فليمص الماء مصّا، ولا يعب عبّا فإنه يورث الكباد «١» . والكباد: - بضم الكاف وتخفيف الباء- وجع الكبد.

ولا معارضة بين التنفس هنا وبين النهى عن التنفس فى الإناء الوارد فى الحديث، لأن المنهى عنه التنفس داخل الإناء، فإنه ربما حصل للماء تغير من النفس، إما لكون المتنفس كان متغير الفم لمأكول مثلا، أو لبعد عهده بالسواك والمضمضة، أو لأن النفس يصعد ببخار المعدة، وهاهنا التنفس خارج الإناء فلا تعارض، فلو لم يتنفس جاز الشرب بنفس واحد، وقيل يمنع مطلقا لأنه شرب الشيطان.

وكان- صلى الله عليه وسلم- إذا دعى لطعام وتبعه أحد أعلم به رب المنزل، فيقول:

«إن هذا تبعنا فإن شئت رجع» «٢» . وكان يكرر على أضيافه ويعرض عليهم الأكل مرارا، وفى حديث أبى هريرة فى قصة شرب اللبن، وقوله مرارا:

«اشرب» فما زال يقول: اشرب حتى قال: والذى بعثك بالحق لا أجد له مسلكا «٣» . رواه البخارى. وكان- صلى الله عليه وسلم- إذا أكل مع قوم كان آخرهم أكلا.

رواه البيهقى فى الشعب عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلا. وفى حديث ابن عمر مرفوعا عند ابن ماجه والبيهقى: «إذا وضعت المائدة فلا يقوم الرجل


(١) ضعيف: أخرجه سعيد بن منصور فى سننه وابن السنى، وأبو نعيم فى الطب، والبيهقى فى شعب الإيمان عن ابن أبى حسين مرسلا، كما فى «ضعيف الجامع» (٥٦١) .
(٢) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (٢٠٨١) فى البيوع، باب: السهولة والسماحة فى الشراء والبيع، ومسلم (٢٠٣٦) فى الأشربة، باب: ما يفعل الضيف إذا تبعه غير من دعاه، من حديث أبى مسعود- رضى الله عنه-.
(٣) صحيح: وهو جزء من حديث طويل أخرجه البخارى (٦٤٥٢) فى الرقاق، باب: كيف كان عيش النبى- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وتخليهم من الدنيا.