للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن القلب معلق فى الجانب الأيسر، فإذا نام الرجل على الجانب الأيسر استثقل نوما، لأنه يكون فى دعة واستراحة فيثقل نومه، فإذا نام على الشق الأيمن فإنه يقلق ولا يستغرق فى النوم لقلق القلب، وطلبه مستقره وميله إليه.

قالوا: وكثرة النوم على الجانب الأيسر- وإن كان أهنأ- مضر بالقلب بسبب ميل الأعضاء إليه، فتنصب المواد فيه. وأما قول القاضى عياض فى الشفاء: وكان نومه على جانبه الأيمن استظهارا على قلة النوم.. إلخ، ففيه شىء، لأنه- صلى الله عليه وسلم- لا ينام قلبه، فسواء كان نومه على الجانب الأيمن أو الأيسر فهذا الحكم ثابت له، وما علله به إنما تستقيم فى حق من ينام قلبه، وحينئذ فالأحسن تعليله بحب التيامن، أو بقصده التعليم، كما مر. وأردأ النوم، النوم على الظهر، ولا يضر الاستلقاء عليه للراحة من غير نوم، وأردأ منه أن ينام منبطحا على وجهه، وفى سنن ابن ماجه أنه- صلى الله عليه وسلم- مر برجل فى المسجد منبطح على وجهه فضربه برجله وقال: «قم، أو اقعد، فإنها نومة جهنمية» «١» .

وكان- صلى الله عليه وسلم- ينام على النطع تارة، وعلى الفراش تارة، وعلى الحصير تارة، وعلى الأرض تارة. وكان فراشه أدما حشوه ليف. وكان له مسح ينام عليه. وكان- صلى الله عليه وسلم- إذا أخذ مضجعه وضع كفه تحت خده الأيمن وقال:

«رب قنى عذابك يوم تبعث عبادك» «٢» وفى رواية: «يوم تجمع عبادك» .

وقال أبو قتادة: كان- صلى الله عليه وسلم- إذا عرّس بليل اضطجع على شقه الأيمن، وإذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه «٣» . وقال ابن


(١) ضعيف: أخرجه ابن ماجه (٣٧٣٥) فى الأدب، باب: النهى عن الاضطجاع على الوجه، من حديث أبى أمامة- رضى الله عنه-، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن ابن ماجه» .
(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (٥٠٤٥) فى الأدب، باب: ما يقول عند النوم، من حديث حفصة- رضى الله عنها-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٦٨٣) فى المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، وأحمد فى «المسند» (٥/ ٢٩٨) .