ناظر إلى وجه الحبيب شاخص على الدوام ... أتاه فى المعنى مرسوم أن يمحى الرسوم
فقال بالحى القيوم يا سعد من يقوم
وقد جمع العلماء بين هذا الحديث وبين حديث نومه- صلى الله عليه وسلم- فى الوادى عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس وحميت حتى أيقظه عمر- رضى الله عنه- بالتكبير «١» .
فقال النووى: له جوابان، أحدهما: أن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كالحدث والألم ونحوهما، ولا يدرك ما يتعلق بالعين لأنها نائمة والقلب يقظان، والثانى: أنه كان له حالان، حال كان قلبه لا ينام وهو الأغلب، وحال ينام فيه قلبه وهو نادر، فصادف هذا، أى قصة النوم عن الصلاة. قال: والصحيح المعتمد هو الأول والثانى ضعيف.
قال فى فتح البارى: وهو كما قال، ولا يقال: القلب- وإن كان لا يدرك ما يتعلق بالعين من رؤية الفجر مثلا- لكنه يدرك إذا كان يقظانا مرور الوقت الطويل، فإن من ابتداء طلوع الفجر إلى أن حميت الشمس مدة طويلة، لا تخفى على من لم يكن مستغرقا، لأنا نقول: يحتمل أن يقال:
كان قلبه- صلى الله عليه وسلم- إذ ذاك مستغرقا بالوحى، ولا يلزم من ذلك وصفه بالنوم، كما كان يستغرق- صلى الله عليه وسلم- حالة إلقاء الوحى فى اليقظة، وتكون الحكمة في ذلك بيان التشريع بالفعل، لأنه أوقع فى النفس، كما فى قصة سهوه فى الصلاة، وقريب من هذا جواب ابن المنير: أن القلب يحصل له السهو فى اليقظة لمصلحة التشريع، ففى النوم بطريق الأولى، أو على السواء.
وقال ابن العربى فى القبس: النبى- صلى الله عليه وسلم- كيفما اختلف حاله من نوم أو يقظة فى حق وتحقيق، ومع الملائكة فى كل طريق، إن نسى فباكد من
(١) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (٣٤٤) فى التيمم، باب: الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء، ومسلم (٦٨٢) فى المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيلها، من حديث عمران بن حصين- رضى الله عنه-.