تعرضين على اليوم ما عرضت بالأمس، فقالت: فارقك النور الذى كان معك بالأمس، فليس لى بك اليوم حاجة، إنما أردت أن يكون النور فى فأبى الله، إلا أن يجعله حيث شاء.
ولما حملت آمنه برسول الله- صلى الله عليه وسلم- ظهر لحمله عجائب، ووجد لإيجاده غرائب.
فذكروا أنه لما استقرت نطفته الزكية، ودرته المحمدية فى صدفة آمنة القرشية نودى فى الملكوت ومعالم الجبروت، أن عطروا جوامع القدس الأسنى، وبخروا جهات الشرف الأعلى، وافرشوا سجادات العبادات فى صفف الصفا لصوفية الملائكة المقربين، أهل الصدق والوفا، فقد انتقل النور المكنون إلى بطن آمنة ذات العقل الباهر، والفخر المصون، قد خصها الله تعالى القريب المجيب بهذا السيد المصطفى الحبيب، لأنها أفضل قومها حسبا وأنجب، وأزكاهم أصلا وفرعا وأطيب.
وقال سهل بن عبد الله التسترى فيما رواه الخطيب البغدادى الحافظ: لما أراد الله تعالى خلق محمد- صلى الله عليه وسلم- فى بطن أمه آمنة، ليلة رجب، وكانت ليلة جمعة، أمر الله تعالى فى تلك الليلة رضوان خازن الجنان، أن يفتح الفردوس، وينادى مناد فى السماوات والأرض: ألا إن النور المخزون المكنون الذى يكون منه النبى الهادى، فى هذه الليلة يستقر فى بطن أمه الذى فيه يتم خلقه ويخرج إلى الناس بشيرا ونذيرا.
وفى رواية كعب الأحبار: أنه نودى تلك الليلة فى السماء وصفاحها، والأرض وبقاعها، أن النور المكنون الذى منه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يستقر الليلة فى بطن آمنة، فيا طوبى لها ثم يا طوبى، وأصبحت يومئذ أصنام الدنيا منكوسة، وكانت قريش فى جدب شديد، وضيق عظيم، فاخضرت الأرض وحملت الأشجار، وأتاهم الرفد من كل جانب، فسميت تلك السنة التى حمل فيها برسول الله- صلى الله عليه وسلم- سنة الفتح والابتهاج.
وطوبى: الطيب والحسنى والخير والخيرة. قاله فى القاموس. وقال