للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجفة الجبل بقوم موسى لما حرفوا الكلم، وأن تلك رجفة الغضب، وهذه هزة الطرب، ولهذا نص على مقام النبوة والصديقية والشهادة التى توجب سرور ما اتصلت به لا رجفانه، فأقر الجبل بذلك فاستقر، انتهى.

وأحد: جبل بالمدينة، وهو الذى قال فيه: «أحد جبل يحبنا ونحبه» «١» .

رواه البخارى ومسلم. واختلف فى المراد بذلك، فقيل: أراد به أهل المدينة، كما قال تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ «٢» . أى أهلها، قاله الخطابى، وقال البغوى فيما حكاه الحافظ المنذرى: الأولى إجراؤه على ظاهره، ولا ينكر وصف الجمادات بحب الأنبياء والأولياء، وأهل الطاعة، كما حنت الأسطوانة على مفارقته- صلى الله عليه وسلم- حتى سمع الناس حنينها إلى أن سكنها، وكما أخبر أن حجرا كان يسلم عليه قبل الوحى، فلا ينكر أن يكون جبل أحد وجميع أجزاء المدينة تحبه وتحن إلى لقائه حالة مفارقته إياها. انتهى.

وقال الحافظ المنذرى: هذا الذى قاله البغوى جيد. وعن ثمامة عن عثمان بن عفان أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان على ثبير مكة، ومعه أبو بكر وعمر وأنا، فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض، فركله برجله وقال: «اسكن ثبير، فإنما عليك نبى وصديق وشهيدان» «٣» . خرجه النسائى والترمذى والدارقطنى.

والحضيض: القرار من الأرض عند منقطع الجبل. وركله برجله: أى ضربه بها. وعن أبى هريرة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير، فتحركت الصخرة، فقال- صلى الله عليه وسلم-:


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٢٨٨٩) فى الجهاد والسير، باب: فضل الخدمة فى الغزو، ومسلم (١٣٦٥) فى الحج، باب: فضل المدينة، و (١٣٩٣) فى الحج، باب: أحد جبل يحبنا ونحبه، من حديث أنس- رضى الله عنه-.
(٢) سورة يوسف: ٨٢.
(٣) حسن: أخرجه الترمذى (٣٧٠٣) فى المناقب، باب: فى مناقب عثمان بن عفان- رضى الله عنه-، والنسائى (٦/ ٢٣٦) فى الأحباس، باب: وقف المساجد، وفى «الكبرى» (٦٤٣٥) ، والدار قطنى فى «سننه» (٤/ ١٩٦ و ١٩٧) ، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .