للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«اسكن حراء، فما عليك إلا نبى أو صديق أو شهيد» «١» . وفى رواية: وسعد ابن أبى وقاص، ولم يذكر عليّا. خرجهما مسلم وانفرد بذلك. وخرجه الترمذى فى مناقب عثمان، ولم يذكر «سعدا» وقال: «اهدأ» مكان «اسكن» وقال: حديث صحيح. وخرجه الترمذى أيضا عن سعيد بن زيد وذكر أنه كان عليه العشرة إلا أبا عبيدة «٢» . وقال: اثبت حراء. وكذا رواه الخلعى عنه بنحوه، ولم يذكر أبا عبيدة بن الجراح. ورواه أيضا إسحاق البغدادى فيما رواه الكبار عن الصغار، والآباء عن الأبناء، ولله در القائل:

ومال حراء من تحته فرحا به ... لولا مقال «اسكن» تضعضع وانقضا

وحراء وثبير: جبلان متقابلان معروفان بمكة. واختلاف الروايات تحمل على أنها قضايا تكررت. قاله الطبرى وغيره. لكن صحح الحافظ ابن حجر:

أنه «أحد» قال: ولولا اتحاد المخرج لجوزت تعدد القصة، ثم ظهر لى أن الاختلاف فيه من سعيد، فإنى وجدته فى مسند الحارث بن أبى أسامة عن روح بن عبادة فقال فيه: «أحد» أو «حراء» بالشك. وقد أخرجه أحمد من حديث بريدة «٣» بلفظ حراء وإسناده صحيح. وأخرجه أبو يعلى من حديث سهل بن سعد بلفظ «أحد» وإسناده صحيح فقوى احتمال تعدد القصة.

وأخرج مسلم «٤» من حديث أبى هريرة ما يؤيد تعدد القصة، فذكر أنه كان على حراء ومعه المذكورون هنا وزاد معهم غيرهم. ولما طلبته- صلى الله عليه وسلم- قريش قال له ثبير: اهبط يا رسول الله فإنى أخاف أن يقتلوك على ظهرى فيعذبنى الله، فقال له حراء: إلى يا رسول الله رواه فى «الشفاء» وهو حديث مروى فى الهجرة من السيرة. وحراء مقابل لثبير، والوادى بينها، وهو على يسار السالك إلى منى، وحراء قبلى ثبير مما يلى شمال الشمس. وهذه الواقعة غير واقعة ثور فى خبر الهجرة. هذا هو الظاهر والله أعلم.


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٢٤١٧) فى فضائل الصحابة، باب: فضائل طلحة والزبير- رضى الله عنهما-.
(٢) قلت: هو عند أحمد فى «مسنده» (١/ ١٨٧ و ١٨٨) .
(٣) أخرجه أحمد فى «المسند» (٥/ ٣٤٦) .
(٤) صحيح: وقد تقدم حديث مسلم قبل حديثين.