أحدث أهله بعده» «١» . واستثفر: - بالسين والمثناة ثم المثلاثة والفاء آخره راء- كاستفعل، أى جعل ذنبه بين رجليه كما يفعل الكلب.
قال القاضى عياض: وفى بعض الطرق عن أبى هريرة: فقال الذئب أنت أعجب منى واقفا على غنمك وتركت نبيّا لم يبعث الله قط أعظم منه عنده قدرا، وقد فتحت له أبواب الجنة وأشرف أهلها على أصحابه ينظرون قتالهم وما بينك وبينه إلا هذا الشعب، فتصير من جنود الله. قال الراعى:
من لى بغنمى؟ قال الذئب: أنا أرعاها حتى ترجع، فأسلم الرجل إليه غنمه ومضى، وذكر قصته وإسلامه ووجوده النبى- صلى الله عليه وسلم- يقاتل، فقال له النبى- صلى الله عليه وسلم-: «عد إلى غنمك تجدها بوفرها» فوجدها كذلك، وذبح للذئب شاة منها.
وقد روى ابن وهب مثل هذا أنه جرى لأبى سفيان بن حرب وصفوان ابن أمية مع ذئب وجداه أخذ ظبيا، فدخل الظبى الحرم فانصرف الذئب، فعجبا من ذلك فقال الذئب: أعجب من ذلك محمد بن عبد الله بالمدينة يدعوكم إلى الجنة وتدعونه إلى النار، فقال أبو سفيان: واللات والعزى، لئن ذكرت هذا بمكة لتتركنها خلوفا- بضم الخاء المعجمة- أى فاسدة متغيرة، بمعنى: يقع الفساد والتغير فى أهلها.
ومن ذلك حديث الحمار: أخرج ابن عساكر عن أبى منظور قال: لما فتح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خيبر أصاب حمارا أسود، فكلم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الحمار، فكلمه الحمار، فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ما اسمك» قال: يزيد ابن شهاب، أخرج الله من نسل جدى ستين حمارا كلهم لا يركبه إلا نبى، وقد كنت أتوقعك أن تركبنى، لم يبق من نسل جدى غيرى ولا من الأنبياء غيرك وقد كنت قبلك لرجل يهودى وكنت أتعثر به عمدا، وكان يجيع بطنى ويضرب ظهرى، فقال له النبى- صلى الله عليه وسلم-: «فأنت يعفور» فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يبعثه إلى باب الرجل فيأتى الباب فيقرعه برأسه فإذا خرج إليه
(١) أخرجه البيهقى فى «دلائل النبوة» (٦/ ٤١- ٤٣) ، ولكنه فيه من حديث أبى سعيد.