للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يلزم مثله فى «من» إذا وقعت بمعنى «إلى» وعلى توجيه النووى يمكن أن يقال عند زائدة. قاله فى فتح البارى.

وروى هذا الحديث أيضا عن أنس، ابن شاهين، ولفظه: قال كنت مع النبى- صلى الله عليه وسلم- فى غزوة تبوك، فقال المسلمون: يا رسول الله، عطشت دوابنا وإبلنا، فقال: «هل من فضلة ماء» فجاء رجل فى شن بشىء، فقال: «هاتوا صحيفة» فصب الماء ثم وضع راحته فى الماء، قال: فرأيتها تخلل عيونا بين أصابعه، قال: فسقينا إبلنا ودوابنا وتزودنا، فقال: «اكتفيتم؟» فقالوا: نعم اكتفينا يا نبى الله، فرفع يده فارتفع الماء «١» .

وأخرج البيهقى عن أنس أيضا، قال: خرج النبى- صلى الله عليه وسلم- إلى قباء فأتى من بعض بيوتهم بقدح صغير، فأدخل يده فلم يسعه القدح، فأدخل أصابعه الأربعة ولم يستطع أن يدخل إبهامه، ثم قال للقوم: «هلموا إلى الشراب» قال أنس: بصر عينى ينبع الماء من بين أصابعه فلم يزل القوم يردون القدح حتى رووا منه جميعا «٢» .

وأما حديث جابر: ففى الصحيحين، قال: عطش الناس يوم الحديبية، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بين يديه ركوة يتوضأ منها، وجهش الناس نحوه، فقال: «ما لكم؟» فقالوا يا رسول الله ما عندنا ماء نتوضأ به ولا نشربه إلا ما بين يديك، فوضع يده فى الركوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا، قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة «٣» . وقوله: «يفور» ، أى يغلى ويظهر متدفقا.

وفى رواية الوليد بن عبادة بن الصامت عنه فى حديث مسلم الطويل فى ذكر غزوة بواط، قال لى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «يا جابر ناد: الوضوء» وذكر الحديث بطوله، وأنه لم يجد إلا قطرة فى عزلاء شجب فأتى به النبى


(١) أخرجه البخارى (٣٥٧٩) فى المناقب، باب: علامات النبوة فى الإسلام، بنحوه.
(٢) أخرجه البيهقى فى «دلائل النبوة» (٤/ ١٢٣) .
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٣٥٧٦) فى المناقب، باب: علامات النبوة فى الإسلام.