للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جابر- أحمد من طريق نبيح العنزى عنه، وفيه: فجاء رجل بإداوة فيها شىء من ماء ليس فى القوم ماء غيره، فصبه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى قدح ثم توضأ فأحسن الوضوء، ثم انصرف وترك القدح، قال: «فتزاحم الناس على القدح» فقال: «على رسلكم» ، فوضع كفه فى القدح ثم قال: «أسبغوا الوضوء» قال: فلقد رأيت العيون عيون الماء تخرج من بين أصابعه.

وأما حديث ابن مسعود، ففى الصحيح من رواية علقمة: بينما نحن مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وليس معنا ماء، فقال لنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «اطلبوا من معه فضل ماء» ، فأتى بما فصبه فى إناء، ثم وضع كفه فيه، فجعل الماء ينبع من بين أصابع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «١» .

وظاهر هذا أن الماء ينبع من بين أصابعه بالنسبة إلى رؤية الرائى، وهو فى نفس الأمر- للبركة الحاصلة فيه- يفور ويكثر، وكفه- صلى الله عليه وسلم- فى الإناء، فيراه الرائى نابعا من بين أصابعه.

وظاهر كلام القرطبى: أنه نبع من نفس اللحم الكائن فى الأصابع، وبه صرح النووى فى شرح مسلم، ويؤيده قول جابر: فرأيت الماء يخرج من بين أصابعه، وفى رواية: فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه، وهذا هو الصحيح، وكلاهما معجزة له- صلى الله عليه وسلم-.

وإنما فعل ذلك ولم يخرجه من غير ملامسة ماء ولا وضع إناء تأدبا مع الله تعالى، إذ هو المنفرد بابتداع المعدومات وإيجادها من غير أصل.

وروى ابن عباس قال: دعا النبى- صلى الله عليه وسلم- بلالا فطلب الماء، فقال: لا والله ما وجدت الماء، قال: «فهل من شن؟» فأتاه بشن فبسط كفه فيه فانبعث تحت يده عين، فكان ابن مسعود يشرب وغيره يتوضأ «٢» ، رواه الدارمى وأبو نعيم، وكذا رواه الطبرانى وأبو نعيم من حديث أبى ليلى الأنصارى وأبو نعيم من طريق القاسم بن عبد الله بن أبى رافع عن أبيه عن جده.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٥٧٩) فى المناقب، باب: علامات النبوة فى الإسلام.
(٢) أخرجه الدارمى فى «سننه» (٢٥) .