للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى مغازى أبى الأسود عن عروة: أنه توضأ فى الدلو، ومضمض فاه ثم مج فيه، وأمر أن يصب فى البئر، ونزع سهما من كنانته وألقاه فى البئر ودعا الله تعالى، ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها وهم جلوس على شفتيها، فجمع بين الأمرين.

وكذا رواه الواقدى من طريق أوس بن خولى. وهذه القصة غير القصة السابقة فى ذكر نبع الماء من بين أصابعه- صلى الله عليه وسلم- مما رواه البخارى فى المغازى من حديث جابر: عطش الناس بالحديبية وبين يدى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ركوة فوضع يده فى الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه. الحديث «١» . فبين القصتين مغايرة، وجمع ابن حبان بينهما: بأن ذلك وقع فى وقتين، انتهى.

فحديث جابر فى نبع الماء كان حين حضرت صلاة العصر عند إرادة الوضوء، وحديث البراء كان لإرادة ما هو أعم من ذلك. ويحتمل أن يكون الماء لما تفجر من أصابعه ويده فى الركوة، وتوضؤوا كلهم وشربوا أمر حينئذ بصب الماء الذى بقى فى الركوة فى البئر فتكاثر الماء فيها. انتهى.

وفى حديث البراء وسلمة بن الأكوع مما رواه البخارى فى قصة الحديبية وهم أربع عشرة مائة، وبئرها لا تروى خمسين شاة، فنزحناها فلم نترك فيها قطرة، فقعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على جباها، قال البراء: وأتى بدلو منها فبصق ودعا، وقال سلمة: فإما دعا وإما بصق فيها، فجاشت فأرووا أنفسهم وركابهم، وقال فى رواية البراء: ثم مضمض ودعا ثم صبه فيها ثم قال:

«دعوها ساعة» «٢» . قوله: «على جباها» - بفتح الجيم والموحدة والقصر- ما حول البئر، وبالكسر: ما جمعت فيها من الماء. وقوله: «وركابهم» أى الإبل التى يسار عليها.

وفى الصحيحين عن عمران بن الحصين قال: كنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى سفر، فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل فدعا فلانا- كان يسميه أبو


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤١٥٢) فى المغازى، باب: غزوة الحديبية.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٤١٥١) فيما سبق.