للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعد أن رأى الناس ماء فى الميضأة فتكابوا عليها، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:

«أحسنوا الملأ «١» كلكم سيروى» ، قال: ففعلوا، فجعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصب وأسقيهم، حتى ما بقى غيرى وغير رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ثم صب فقال لى: «اشرب» فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله، فقال: «إن ساقى القوم آخرهم» قال: فشربت وشرب «٢» ، الحديث رواه مسلم.

وعن أنس قال: أصاب الناس سنة «٣» على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فبينما النبى- صلى الله عليه وسلم- يخطب فى يوم الجمعة، قام أعرابى فقال: يا رسول الله، هلك المال وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه وما نرى فى السماء قزعة «٤» ، «فو الذى نفسى بيده» ما وضعهما حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته، فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد ومن بعد الغد، حتى الجمعة الآخرى، وقام ذلك الأعرابى أو غيره وقال: يا رسول الله، تهدم البناء وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه فقال:

«اللهم حوالينا ولا علينا» ، فما يشير إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجوبة، وسال الوادى قناة شهرا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود. وفى رواية قال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر» فأقلعت وخرجنا نمشى فى الشمس «٥» . رواه البخارى ومسلم.

و «الجوبة» - بفتح الجيم والموحدة بينهما واو ساكنة- الحفرة المستديرة الواسعة، وكل منفتق بلا بناء جوبة، أى حتى صار الغيم والسحاب محيطا بافاق المدينة. و «الجود» : - بفتح الجيم وإسكان الواو- المطر الواسع الغزير.

وعن عبد الله بن عباس، أنه قيل لعمر بن الخطاب- رضى الله عنه- حدثنا عن


(١) أى: الملء لأوانيكم.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٦٨١) في المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة.
(٣) السنة: القحط والجدب.
(٤) القزعة: القطعة من السحاب.
(٥) صحيح: أخرجه البخارى (١٠١٣) فى الاستسقاء، باب: الاستسقاء فى المسجد الجامع.