جئت النبى- صلى الله عليه وسلم- فساررته فقلت: يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنت صاعا من شعير. فتعال أنت ونفر معك. فصاح النبى- صلى الله عليه وسلم-: «يا أهل الخندق، إن جابرا صنع سورا، فحى هلا بكم» فقال- صلى الله عليه وسلم-: «لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجىء برجال» فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك ثم قال: «ادع خابزة فلتخبز معك، واقدحى من برمتكم ولا تنزلوها» وهم ألف. فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغط كما هى، وإن عجيننا ليخبز كما هو «١» ، رواه البخارى ومسلم. وقوله:«فانكفأت» أى: انقلبت. وقوله:«داجن» يعنى سمينة. وقوله:«فذبحتها» بسكون الحاء، و «طحنت» بسكون التاء، يعنى إن الذى ذبح هو جابر، والتى طحنت هى امرأته سهيلة بنت معوذ الأنصارية. وقوله:«سورا» بضم المهملة وسكون الواو بغير همز. قال ابن الأثير: أى طعاما يدعو إليه الناس. قال: اللفظة فارسية. وقوله:«فحى هلا بكم» كلمة استدعاء فيه حث، أى هلموا مسرعين. وقوله:«واقدحى» أى:
وعن أنس قال: قال أبو طلحة لأم سليم، لقد سمعت صوت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ضعيفا، أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شىء، فقالت: نعم، فأخرجت أقراصا من شعير، ثم أخرجت خمارا، فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت يدى ولاثتنى ببعضه- أى أدارت بعض الخمار على رأسى مرتين كالعمائم- ثم أرسلتنى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فذهبت به فوجدت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى المسجد ومعه الناس، فسلمت عليه، فقال لى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أرسلك أبو طلحة؟» فقلت: نعم، قال:«لطعام؟» قلت:
نعم، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لمن معه:«قوموا» فانطلق وانطلقت بين أيديهم، حتى جئت أبا طلحة فأخبرته، فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤١٠٢) فى المغازى، باب: غزوة الخندق، ومسلم (٢٠٣٩) فى الأشربة، باب: جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك.