للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صلى الله عليه وسلم- فوق السماوات العلى وسدرة المنتهى، والمستوى وحجب النور والرفرف، ومقام المناجاة لموسى- عليه السّلام- طور سيناء.

* وأما ما أعطيه هارون- عليه الصلاة والسلام- من فصاحة اللسان، فقد كان نبينا- صلى الله عليه وسلم- من الفصاحة والبلاغة بالمحل الأفضل والموضع الذى لا يجهل. ولقد قال له بعض أصحابه: ما رأينا الذى هو أفصح منك فقال:

«وما يمنعنى وإنما نزل القرآن بلسانى، لسان عربى مبين» «١» .

وقد كانت فصاحة هارون غايتها فى العبرانية، والعربية أفصح منها.

وهل كانت فصاحة هارون معجزة أم لا؟ قال ابن المنير: الظاهر أنها لم تكن معجزة، ولكن فضيلة ولم يتحد نبى من الأنبياء بالفصاحة إلا نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم-، لأن هذه الخصوصية لا تكون لغير الكتاب العزيز، وهل فصاحته- صلى الله عليه وسلم- فى جوامع الكلم التى ليست من التلاوة ولكنها معدودة من السنة، هل تحدى بها أم لا؟ فظاهر قوله- صلى الله عليه وسلم-: «أوتيت جوامع الكلم» «٢» أنه من التحدث بنعمة الله عليه وخصائصه، ولا خلاف أنها باعتبار ما اشتملت عليه من الإخبار بالمغيبات ونحوها معجزة.

* وأما ما أعطيه يوسف- عليه الصلاة والسلام- من شطر الحسن، فأعطى نبينا- صلى الله عليه وسلم- الحسن كله، وستأتى الإشارة إلى ذلك- إن شاء الله تعالى- فى مقصد الإسراء. ومن تأمل ما نقلته فى صفته تبين له من ذلك التفصيل التفضيل على كل مشهور بالحسن فى كل جيل.

وأما ما أعطيه يوسف- عليه السّلام- أيضا من تعبير الرؤيا، فالذى نقل عنه من ذلك ثلاث منامات، أحدها: حين رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر، والثانى: منام صاحبى السجن، والثالث: منام الملك، وقد أعطى نبينا- صلى الله عليه وسلم- من ذلك ما لا يدخله الحصر، ومن تصفح الأخبار وتتبع الآثار وجد من ذلك العجب العجاب، وستأتى نبذة من ذلك- إن شاء الله تعالى-.


(١) ذكره القاضى عياض فى «الشفاء» له (١/ ٨٠) .
(٢) قلت: هو فى الصحيح بلفظ: «بعثت بجوامع الكلم» أخرجه البخارى (٧٠١٣) فى التعبير، باب: المفاتيح فى اليد، وبلفظ «أوتيت جوامع الكلم» عند مسلم (٥٢٣) في المساجد، باب: رقم (١) ، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.