للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* وأما ما أعطيه داود- عليه الصلاة والسلام- من تليين الحديد له، فكان إذا مسح الحديد لان، فأعطى نبينا- صلى الله عليه وسلم- أن العود اليابس اخضر فى يده وأورق، ومسح- صلى الله عليه وسلم- شاة أم معبد الجرباء، فبرئت ودرت.

* وأما ما أعطيه سليمان- عليه الصلاة والسلام- من كلام الطير وتسخير الشياطين والريح، والملك الذى لم يعطه أحد من بعده، فقد أعطى سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك وزيادة.

أما كلام الطير والوحش فنبينا- صلى الله عليه وسلم- كلمه الحجر، وسبح فى كفه الحصى، وهو جماد، وكلمه ذراع الشاة المسمومة- كما تقدم فى غزوة خيبر- وكذلك كلمه الظبى وشكا إليه البعير- كما مر-. وروى أن طيرا فجع بولده فجعل يرفرف على رأسه ويكلمه فيقول: أيكم فجع هذا بولده، فقال رجل أنا فقال: «اردد ولده» ذكره الرازى ورواه أبو داود بلفظ: كنا مع النبى- صلى الله عليه وسلم- فى سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تفرش- أى تدنو- من الأرض، فجاء النبى- صلى الله عليه وسلم- فقال: «من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها» «١» الحديث. وقصة كلام الذئب مشهورة.

وأما الريح التى كانت غدوها شهر ورواحها شهر، تحمله أين أراد من أقطار الأرض، فقد أعطى سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- البراق الذى هو أسرع من الريح، بل أسرع من البرق الخاطف، فحمله من الفرش إلى العرش فى ساعة زمانية، وأقل مسافة ذلك سبعة آلاف سنة، وتلك مسافة السماوات، وأما إلى المستوى وإلى الرفرف فذلك ما لا يعلمه إلا الله تعالى. وأيضا: فالريح سخرت لسليمان لتحمله إلى نواحى الأرض، ونبينا- صلى الله عليه وسلم- زويت له الأرض


(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٢٦٧٥) فى الجهاد، باب: فى كراهية حرق العدو بالنار، والحاكم فى «المستدرك» (٤/ ٢٦٧) ، والطبرانى فى «الكبير» (١٠/ ١٧٧) ، والطيالسى فى «مسنده» (٣٣٦) ، من حديث ابن مسعود- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .