للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- أى جمعت- حتى رأى مشارقها ومغاربها، وفرق بين من يسعى إلى الأرض، وبين من تسعى له الأرض.

وأما ما أعطيه من تسخير الشياطين فقد روى أن أبا الشياطين إبليس اعترض سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وهو فى الصلاة فأمكنه الله منه وربطه بسارية من سوارى المسجد «١» وخير مما أوتيه سليمان من ذلك إيمان الجن بمحمد- صلى الله عليه وسلم-، فسليمان استخدمهم ومحمد استسلمهم.

وأما عد الجن من جنود سليمان فى قوله تعالى: وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ «٢» . فخير منه عد الملائكة، جبريل ومن معه من جملة أجناده- صلى الله عليه وسلم-، باعتبار الجهاد وباعتبار تكثير السواد على طريقة الأجناد.

وأما عد الطير من جملة أجناده، فأعجب منه حمامة الغار «٣» وتوكيرها فى الساعة الواحدة وحمايتها له من عدوه، والغرض من استكثار الجند إنما هو الحماية، وقد حصلت من أعظم شىء بأيسر شىء. وأما ما أعطيه من الملك، فنبينا- صلى الله عليه وسلم- خيّر بين أن يكون نبيّا ملكا ونبيّا عبدا، فاختار- صلى الله عليه وسلم- أن يكون نبيّا عبدا. ولله در القائل:

يا خير عبد على كل الملوك ولى

* وأما ما أعطيه عيسى- عليه الصلاة والسلام- من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، فأعطى سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- أنه رد العين إلى مكانها بعد ما سقطت فعادت أحسن ما كانت «٤» ، وفى دلائل البيهقى قصة الرجل الذى قال للنبى- صلى الله عليه وسلم- لا أؤمن بك حتى تحيى لى ابنتى، وفيه أنه- صلى الله عليه وسلم- أتى قبرها فقال: «يا فلانة» ، فقالت: لبيك وسعديك يا رسول الله، الحديث «٥» ، وقد مر. وروى أن امرأة معاذ بن عفراء- وكانت برصاء-


(١) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (٤٦١) فى الصلاة، باب: الأسير أو الغريم يربط فى المسجد، ومسلم (٥٤١) فى المساجد، باب: جواز لعن الشيطان فى أثناء الصلاة، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.
(٢) سورة النحل: ١٧.
(٣) قلت: حديث الحمامة ضعيف كما بين ذلك الأئمة الحفاظ.
(٤) تقدم.
(٥) تقدم.