للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فشكت ذلك إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فمسح عليها بعصا فأذهب الله البرص منها، ذكره الرازى، وأيضا قد سبح الحصى فى كفه- صلى الله عليه وسلم-، وسلم عليه الحجر، وحن لفراقه الجذع، وذلك أبلغ من تكليم الموتى لأن هذا من جنس من لا يتكلم.

وأما ما أعطيه عيسى أيضا من أنه كان يعرف ما تخفيه الناس فى بيوتهم، فقد أعطى نبينا- صلى الله عليه وسلم- من ذلك ما لا يحصى، وسيأتى من ذلك- إن شاء الله تعالى- ما يكفى ويشفى.

وأما ما أعطيه عيسى أيضا من رفعه إلى السماء، فقد أعطى نبينا- صلى الله عليه وسلم- ذلك ليلة المعراج، وزاد فى الترقى لمزيد الدرجات وسماع المناجاة والحظوة فى الحضرة المقدسة بالمشاهدات.

وبالجملة: فقد خص الله تعالى نبينا- صلى الله عليه وسلم- من خصائص التكريم بما لم يعطه أحدا من الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام-.

وقد روى جابر عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلى، كان كل نبى يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لى الغنائم ولم تحل لأحد قبلى، وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتى أدركته الصلاة فليصل حيث كان، ونصرت بالرعب مسيرة شهر وأعطيت الشفاعة» «١» رواه البخارى. وفى رواية: «وبعثت إلى الناس كافة» . وزاد البخارى فى روايته- فى الصلاة- عن محمد بن سنان (من الأنبياء) .

وعند الإمام أحمد: «أعطيت خمسا لم يعطهن نبى قبلى، ولا أقوله فخرا» وفيه: «وأعطيت الشفاعة فاخترتها لأمتى، فهى لمن لا يشرك بالله شيئا» وإسناده كما قال ابن كثير جيد.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٣٥) فى التيمم، باب: وقول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً، وأطرافه (٤٣٨ و ٣١٢٢) ، ومسلم (٥٢١) فى المساجد.