أشياء كانوا منها متشوشين فأخبرهم بتفريجها، ونص لهم على الوجوه التى منها يكون فرجها، فجاء الأمر كذلك بلا زيادة ولا نقص.
ثم قال: والمنكر لهذا لا يخلو إما أن يكون ممن يصدق بكرامات الأولياء، أو لا، فإن كان الثانى فقد سقط البحث معه، فإنه مكذب ما أثبتته السنة بالدلائل الواضحة، وإن كان الأول فهذه منها، لأن الأولياء يكشف لهم بخرق العادة فى أشياء فى العالمين العلوى والسفلى عديدة مع التصديق بذلك «١» .
وقال الشيخ ابن أبى المنصور فى رسالته، ويقال: إن الشيخ أبا العباس القسطلانى دخل مرة على النبى- صلى الله عليه وسلم- فقال النبى- صلى الله عليه وسلم-: «أخذ الله بيدك يا أحمد» . وعن الشيخ أبى السعود قال: وكنت أزور شيخنا أبا العباس وغيره من صلحاء مصر فلما انقطعت واشتغلت وفتح على، لم يكن لى شيخ إلا النبى- صلى الله عليه وسلم-، وأنه كان يصافحه عقب كل صلاة.
وقال الشيخ أبو العباس الحراز: دخلت على النبى- صلى الله عليه وسلم- مرة فوجدته يكتب مناشير الأولياء بالولاية، قال: وكتب لأخى محمد معهم منشورا، فقلت: يا رسول الله، ما تكتب لى كأخى؟ قال:«أتريد أن تكون فمهارا» وهذه لغة أندلسية، تعنى طريقا، وفهم عنه أن له مقاما غير هذا.
وقال حجة الإسلام الغزالى فى كتابه «المنقذ من الضلال» : وهم- يعنى
(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية فى «مجموع الفتاوى» (١٣/ ٩١) : وهذه رؤية فى المنام وأما فى اليقظة فمن ظن أن أحدا من الموتى يجىء بنفسه للناس عيانا قبل القيامة فمن جهله أتى، ومن هنا ضلت النصارى حيث اعتقدوا أن المسيح بعد أن صلب- كما يظنون- أنه أتى إلى الحواريين وكلمهم ووصاهم وهذا مذكور فى أناجيلهم وكلها تشهد بذلك، وذاك الذى جاء كان شيطانا قال: أنا المسيح، ولم يكن هو المسيح نفسه، ويجوز أن يشتبه مثل هذا على الحواريين، كما اشتبه على كثير من شيوخ المسلمين، ولكن ما أخبرهم المسيح قبل أن يرفع بتبليغه فهو الحق الذى يجب عليهم تبليغه، ولم يرفع حتى بلغ رسالات ربه، فلا حاجة إلى مجيئه بعد أن رفع إلى السماء. اه. قلت: وكذلك الحال مع نبينا- صلى الله عليه وسلم- لا يجىء لأحد بعد موته فى الحياة الدنيا، ولو كان ذلك حقّا لجاء إلى أناس لا خلاف على كراماتهم كأصحابه.