للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالأذى فى حقه تعالى وحق رسوله كفر بشهادة هذه الآية، لأن العذاب المهين إنما يكون للكفار، وكذلك العذاب الأليم.

وقال تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ (٦٥) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ «١» قال القاضى عياض: قال أهل التفسير: كفرتم بقولكم فى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.

وأما السنة فروى أبو داود والترمذى: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «من لنا بابن الأشرف» وفى أخرى: «من لكعب بن الأشرف» أى من ينتدب لقتله «فقد استعلن بعداوتنا وهجائنا» وفى رواية: «فإنه يؤذى الله ورسوله» «٢» .

قال القاضى عياض: ووجه إليه من قتله غيلة دون دعوة، بخلاف غيره من المشركين، وعلل بأذاه له فدل على أن قتله إياه لغير الإشراك بل للأذى.

وفى حديث مصعب بن سعد عند أبى داود: لما كان يوم الفتح أمّن- صلى الله عليه وسلم- الناس، إلا أربعة نفر فذكرهم ثم قال: «وأما ابن سرح» فاختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا نبى الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا، كل ذلك وهو يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: «ما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين كففت يدى عن بيعته فيقتله» فقالوا: ما ندرى يا رسول الله ما فى نفسك، ألا أو مأت إلينا؟ قال:

«إنه لا ينبغى لنبى أن تكون له خائنة الأعين» «٣» .


(١) سورة التوبة: ٦٥، ٦٦.
(٢) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (٢٥١٠) فى الرهن، باب: رهن السلاح، ومسلم (١٨٠١) فى الجهاد والسير، باب: قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود، وأبو داود (٢٧٦٨) فى الجهاد، باب: فى العدو يؤتى على غرة ويتشبه بهم، من حديث جابر- رضى الله عنه-.
(٣) صحيح: وقد تقدم.