للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه: أنه أمر بقتل عبد الله بن خطل، لأن ابن خطل كان يقول الشعر يهجو به النبى- صلى الله عليه وسلم- ويأمر جاريتيه أن تغنيا به، وكذلك قتل جاريتيه «١» .

قالوا: فقد ثبت أنه أمر بقتل من آذاه، ومن تنقّصه، والحق له- صلى الله عليه وسلم- وهو مخير فيه، فاختار القتل لعدم الاطلاع على العفو، وليس لأمته بعده أن يسقطوا حقه- صلى الله عليه وسلم-، فإنه لم يرد عنه الإذن فى ذلك.

وأما الإجماع: فقال القاضى عياض: أجمعت الأمة على قتل منتقصه من المسلمين وسابه، فقال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن من سب النبى- صلى الله عليه وسلم- يقتل، وممن قال ذلك: مالك بن أنس والليث وأحمد وإسحاق، وهو مذهب الشافعى، وقال الخطابى: لا أعلم أحدا من المسلمين اختلف فى وجوب قتله إذا كان مسلما. وقال محمد بن سحنون: أجمع العلماء على أن شاتم النبى- صلى الله عليه وسلم- المنتقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك فى كفره وعذابه كفر. انتهى.

ومذهب الشافعية: أن ذلك ردة، تخرج من الإسلام إلى الكفر، فهو مرتد كافر قطعا لا نزاع فى ذلك عند الجمهور من أئمتنا، والمرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.

وفى الاستتابة قولان: أصحهما وجوبها، لأنه كان محترما بالإسلام، وإنما عرضت له شبهة، فينبغى إزالتها، وقيل: تستحب لأنه غير مضمون الدم، فإن قلنا بالأول فتجب فى الحال ولم يؤجل كغيره. وفى الصحيح حديث «من بدل دينه فاقتلوه» «٢» وفى قول: يمهل ثلاثة أيام، فإن لم يتب وأصر- رجلا كان أو امرأة- قتل، وإن أسلم صح إسلامه وترك لقوله تعالى:

فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ «٣» الآية.


(١) ذكر الهيثمى فى «المجمع» (٦/ ١٧٣) من حديث سعيد بن يربوع، أن إحداهما قتلت، والآخرى أقبلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأسلمت، وقال: رواه الطبرانى وإسناده ثقات.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٦٩٢٢) فى استتابة المرتدين، باب: حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم، من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-.
(٣) سورة التوبة: ٥.