للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن ابن عباس قال: أيما مسلم سب الله أو سب أحدا من الأنبياء فقد كذب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهى ردة يستتاب منها، فإن تاب وإلا قتل، وأيما معاهد سب الله أو سب أحدا من أنبيائه فقد نقض العهد فاقتلوه. «وأجيب» عما تقدم من أدلة المالكية.

فأما قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ «١» الآية فليس فيه إلا كفر مؤذيه- صلى الله عليه وسلم-، وأما كونه يقتل بعد التوبة والإسلام فلا دلالة فيه أصلا، وأما ابن خطل فإنما قتل ولم يستتب للكفر والزيادة فيه بالأذى مع ما اجتمع فيه من موجبات القتل، ولأنه اتخذ الأذى ديدنا، فلا يقاس عليه من فرط منه فرطة- وقلنا بكفره بها- وتاب ورجع إلى الإسلام، فالفرق واضح. وكذلك قتل جاريتيه لأنهما جعلتا ذلك ديدنا مع ما قام بهما من صفة الكفر.

وقد روى البزار عن ابن عباس أن عقبة بن أبى معيط نادى: يا معشر قريش ما لى أقتل من بينكم صبرا. فقال له النبى- صلى الله عليه وسلم-: «بكفرك وافترائك على رسول الله» «٢» فذكر له سببين فى تحتم قتله، وهذا فى غاية الظهور. وأما قول الخطابى وغيره: «لا أعلم أحدا من المسلمين اختلف فى وجوب قتله إذا كان مسلما» فمحمول على التقييد بعدم التوبة.

وأما سياق القاضى عياض لقصة الرجل الذى كذب على رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وأنه بعث عليّا والزبير ليقتلاه، فليس يفيد غرضا فى هذا المقام، لأن الظاهر أن هذا كذب، فيه إفساد وفتنة بين المؤمنين، لا سيما إن كافرا، فيكون من محاربى الله ورسوله، مع السعى فى الأرض بالفساد، فيكون متحتم القتل، وإلا فليس مطلق الكذب عليه مما يوجب القتل.

وكذا سياقه حديث ابن عباس: هجت امرأة من خطمة النبى- صلى الله عليه وسلم-، فقال: «من لى بها» فقال رجل من قومها: أنا يا رسول الله فنهض فقتلها


(١) سورة الأحزاب: ٥٧.
(٢) إسناده ضعيف: ذكره الهيثمى فى «المجمع» (٦/ ٨٩) وقال: رواه البزار وفيه يحيى بن سلمة بن كهيل، وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان.