للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك: الأضحية بالعناق «١» لأبى بردة بن نيار، رواه الشيخان من حديث البراء بن عازب قال: خطبنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم النحر فقال: «من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب السنة، ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم» ، فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله، لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب فتعجلت وأكلت وأطعمت أهلى وجيرانى، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «تلك شاة لحم» ، قال:

فإن عندى عناقا جذعة هى خير من شاتى لحم فهل تجزى عنى؟ قال: «نعم ولن تجزى عن أحد بعدك» «٢» .

و «نيار» بكسر النون وتخفيف المثناة التحتية وآخره راء. وقوله «تجزى» بفتح أوله غير مهموز، أى تقضى. و «الجذع» بالجيم والذال المعجمة. وفى هذا الحديث تخصيص أبى بردة بإجزاء الجذع من المعز فى الأضحية. ولكن وقع فى عدة أحاديث التصريح بنظير ذلك لغير أبى بردة، ففى حديث عقبة ابن عامر «٣» - عند البيهقى-: ولا رخصة فيها لأحد بعدك. قال البيهقى: إن كانت هذه الزيادة محفوظة كان هذا رخصة لعقبة كما رخص لأبى بردة.

قال الحافظ ابن حجر: وفى هذا الجمع نظر، لأن فى كل منهما صيغة عموم، فأيهما تقدم على الآخر اقتضى انتفاء الوقوع للثانى، ويحتمل أن تكون خصوصية الأول نسخت بثبوت الخصوصية للثانى، ولا مانع من ذلك، لأنه لم يقع فى السياق استمرار المنع لغيره صريحا.

وفى كلام بعضهم: أن الذين ثبتت لهم الرخصة اربعة أو خمسة، واستشكل الجمع وليس بمشكل، فإن الأحاديث التى وردت فى ذلك ليس فيها


(١) العناق: الأنثى من المعز.
(٢) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (٩٥٥) فى الجمعة، باب: الأكل يوم النحر، ومسلم (١٩٦١) فى الأضاحى، باب: وقتها.
(٣) قلت: حديث عقبة بن عامر فى الصحيحين، عند البخارى (٢٣٠٠) فى الوكالة، باب: وكالة الشريك فى القسمة وغيرها، ومسلم (١٩٦٥) فى الأضاحى، باب: سن الأضحية.