وللعرب فيما عدا الطير والوحش والنبات. بوادر يتشاءمون بها، ويعوذون منها، ومنها العُطاس. قال امرؤ القيس:
وقد اغتدى العُطاس بهيكل ... شديدٍ منيع الجنب فْعمِ المُنطق
يقول: إنه يغتدي قبل أن يستيقظ الناس لئلا يستمع عطاسهم فيخيب. وكان قولهم إذا عطَس من يحبونه: عمراً وشباباً. وإذا عطَس من يبغضونه: ورَياً وقُحَاباً. وإذا استمع أحدهم العاطس ممن لا يعرف قال: بِكِلابي أسأل الله أ، يجعل شُؤْمك بك لا بي وكانت المرأة تتطير إذا انكفأ الإناء وصب ما فيه. وتقول في العياذ من ذلك دافق خير.
وكانوا إذا اشتروا الدار، أو بنوها، أو فجَّروا العين، ذبحوا عندها ذبيحة ودعوها ذبيحة الجن، حتى لا ينالها من الشؤم شيء.
وبعد فإن كان التطير مما أسلفنا لزام العرب وسبيل قصدهم، فلقد جحده كثير من رجالهم، وأخَصُّهم أولو العزم والإقدام منهم.
قال الحارث بن حِلَّزَة:
يأيها المزمع ثم انثني ... لا يثنيك الحادي ولا الشاحج
ولا قعيد أغضب قرنه ... هاج له من مربع هائج
بينا الفتى يَسْعَى ويُسعَى له ... تاح له من أمره خالج