الأسنة، واعتنقت الأبطال، ونفذت السيوف إلى أعماق القلوب وظهرت تَغْلبُ كالجذوة المضطرمة، وبدأت تنكشف وترتد. وهنالك الفتاتان البكريتان خماريهما ونفذتا بين صفوف قومها وأخذتا تُنْشدَان نفوسهم، وتذْكيان نار الحفيظة فيهم وكان مطلع قولهما:
وغى وغى وغى وغى ... حَرَّ الحَرَار واْلتَظَى
ومُلَئت منه الرُّبى ... يا حَبّذَا الُمحَلّقون بالضحى
وأقبلت من ورائهما كَرْمة بنت ضِلَع، أم مالك بن زيد، فارس بكر وواحدِها فتغنت بما يُحيل الجبان المستطار شهاباً ثاقباً، وسعيراً مستطيراً، وكان مما تغنت به قولها:
نحن بنات طارق ... نمشي على النمارق
مَشْيَ القُطَيّ البارق ... المسكُ في المفَارق
والدُّر في المخانق ... إن تقبلوا نعانق
أو تدبروا نفارق ... فِرَاقَ غير وامِق
عِرسُ المُوَلّي طالق ... والعار منه لاحق
فلم يلبث القوم أن تدافعوا وراءهن على أعدائهم، واقتحموا صفوفهم، واستباحوا معاقلهم، وأعملوا السيوف في رؤوسهم، وأنهلوا الأسنة من صدورهم فلم ينكشف