ويكشف عن مكنونه أمره. وفي مثل ذلك ما يقول أَزهَرُ بن هلال التميمي يعتذر عن فراره:
أعاتِكَ ما ولّيت حتى تبددت ... رجالي حتى لم أجد متقدّما
وحتى رأيت الوَرد يَدْمَى لَبَاُنهُ ... وقد هزه الأبطال وانتعلَ الدَّما
أعاتك إني لم أُلم في قتالهم ... وقد عَضّ سيفي كبشهم ثم صّمما
أعاتك أفناني السلاح ومن يُطِل ... مقارعة الأبطال يرجعْ مُكلما
وشبيه بذلك قول من يقول:
قالت سَلاَمة ما رأى عادةً ... أن تترك الأعداء حتى تُعذِرا
لو كان قتل ياسلامَ فراحةُ! ... لكن فررت مخافةً أن أوسَرا
وسبقت قبل المقرفين فوارساً ... لبني فزارة دارعين وحُسَّرا
ولعل هذا أبلغ من هذين معذرة، وأقوام سبيلاً، ذلك الذي يعتذر عن قراره في داره، ورضاه باليسير من عيشه، فيقول:
قالت أما ترحل تبغي الغنى ... قلت فَمنْ للطارق المُعتم؟
قالت فهل عندك شيء له ... قلت نعم جُهْدُ الفتى المعْدِم
فكم وحقّ الله من ليلة ... قد أُطعِمُ الضيف ولم أَطَعم
إن الغِنَى بالنفس يا هذه ... ليس الغِنَى بالمال والدرهم
ومن أمثل ما جاء في الاعتذار إلى المرأة قول عنترة العبسي:
بَكَرَت تَخوّفني الحتوف كأنني ... أصبحتُ من غَرَض الحتوف بمعزلِ
فأجبتها: إن المنية منهل ... لا بدّ أن أُسقى بكأس المنهل