الوليد بذلك وهو يمازحه. فقال: يا أمير الممنين دع عنك مفاكهة النساء بزخرف القول، فأما المرأة ريحانة، وليست بقهرمانة. فلا تطلعها على سرك. ومكايدة عدوك. فلما دخل عليها أخبرها بمقالة الحجاج. فقالت: حاجتي أن تأمره غداً يأتيني مسلماً.
ففعل ذلك. فأتاها الحجاج. فحجبته، فلم يزل قائما. ثم قالت له؛ إيه حجاج! أنت الممتن على أمير المؤمنين بقتلك عبد الله بن الزبير وابن الأشعث؟ أما والله أنّ الله علم أنك شرار خلقه، ما ابتلاك برمي الكعبة، وقتل ابن ذات النطاقين، أوّل مولود في الإسلام، وأمّا نهيك أمير المؤمنين عن مفاكهة النساء، وبلوغ أوطاره منهنّ، فإن كنّ ينفرجنّ عن مثلك، فما أحقه بالأخذ عنك وإن كنّ ينفرجن عن مثله، فغير قابل لقولك. أما والله لقد نَفَضَ كساء أمير المؤمنين الطيب عن غدائرهنّ. بعثك في أعطية أهل الشام حتى كنت في أضيق من الفْرق، قد أضْلتك رماحهم، وأثخنتك صفاحهم، وحتى كان أمير المؤمنين أَحب إليهم من آبائهم وأبنائهم. فما نجاك الله من عدوّ أمير المؤمنين إلا بحبهم إياه.
ولله درّ إذا نظر إليك، وسنان غزالة بين كتفيك:
أسد علّى وفي الحروب نعامة ... ربداء تجفل من صفير الصافر